فوضع الرسولُ إحدى يديه تحت قفاه، و الأُخرى تحت ذقنه، فوضع فاه على فيه، فقبّله، و قال: حُسينٌ منّي، وأنا من حُسين، أحَبَ الله من أحبَ حُسيناً، حُسين سِبْط من الأسباط.

فقال: ربّ العزة يقول: كتبت ما تحبّ (لا اله إلا الله) و عليّ كتب ما يحبّ (محمّد رسول الله)، و أنا كتبت ما اُحبّ (عليّ ولي الله).

لَمَّا جِي‏ءَ بِزَيْدِ بْنِ مُوسَى أَخِي الرِّضَا عليه السلام إِلَى الْمَأْمُونِ وَ قَدْ خَرَجَ بِالْبَصْرَةِ وَ أَحْرَقَ دُورَ الْعَبَّاسِيِّينَ وَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَ تِسْعِينَ وَ مِائَةٍ فَسُمِّيَ زَيْدَ النَّارِ، قَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ: يَا زَيْدُ خَرَجْتَ بِالْبَصْرَةِ وَ تَرَكْتَ أَنْ تَبْدَأَ بِدُورِ أَعْدَائِنَا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَ ثَقِيفٍ وَ عَدِيٍّ وَ بَاهِلَةَ وَ آلِ زِيَادٍ، وَ قَصَدْتَ دُورَ بَنِي عَمِّكَ؟

عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ صلوات الله علیه أَنَّهُ قَالَ: قَامَ أَبُو ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ عِنْدَ بَابِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا جُنْدَبُ بْنُ السَّكَنِ الْغِفَارِيُّ إِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ شَفِيقٌ فَهَلُمُّوا، فَاكْتَنَفَهُ‏  النَّاسُ.

المشهور هو أن الوليد بن يزيد 1 فتح المصحف الشريف ذات يوم فخرج قول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾

لَهفِي لَها لَقدْ أُضيعَ قَدرُها  ***  حتَّى تَوارى بالحِجابِ بَدرُها
تَجرَّعَتْ مِن غُصَصِ الزَّمانِ  ***  ما جَاوزَ الحَدَّ مِن البَيانِ

فكشف لهم الغطاء ـ بإذن الله ـ و رأوا منازلهم و حورهم و قصورهم.
فقال لهم الحسين: يا قوم إني غداً أقتل و تقتلون كلكم معي، و لا يبقى منكم واحد.

أما بعد: فإني لا أعلم أصحاباً أوفى و لا خيراً من أصحابي و لا أهل بيتٍ أبرّ و لا أوصل و لا أفضل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعاً عنّي خيراً، فلقد بررتم و عاونتم.

خرج الحسين عليه السلام من مكة نحو العراق يوم الثامن من ذي الحجة، و منعه جماعة من التوجه نحو العراق و أحدهم عبد الله بن العباس (حَبْر الأمّة).