والحاجة إلى التسامح لأن الخطأ يصدر من الجميع، ولأن البشر ليسوا منزهين عن الخطأ، ولأن كل واحد من البشر وجد نفسه في موقف يطلب فيه التسامح، وقد يلح في طلبه أحياناً لأنه صدر منه خطأ، ويكفي لهذه المواقف أن نتعلم منها حاجتنا إلى التسامح، وحاجة الجميع إليه.
لم تكن الجارة تتوقع أن يحصل ما حصل في منزل الجيران، ففي منتصف الليل بدأت ترتفع الأصوات، صوت الجارة وأولادها وهم يشاجرون أباهم، الصراخ يغادر إلى خارج المنزل، والأيدي تمتد، وحالة الفوضى تعم في منزل لطالما سكنته الطمأنينة والرحمة والمودة.
كما أننا لا نمنع أن يتوهم متوهم وينخدع إنسان بهذه الرواية المكذوبة فيظن صحتها، ثم يلتمس لها تأويلاً يخرجها عن كونها طعناً في نبي الله موسى عليه السلام، ثم يستشهد بها على أمر من الأمور.. لكن ذلك لا يجعل سندها صحيحاً، ولا يجعلها من روايات الإمامية، ولا يجعلها جزءاً من ثقافتهم بحيث يصح الإشكال عليهم بها..
الإنسان كائن عجيب من حيث الخلقة والقدرة، فقد خلقه الله عزوجل مزدوج الطبيعة، فيه عنصر مادي طيني، وعنصر روحي سماوي، يقول الله تعالى:﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾1 ونتيجة لتركيبة الإنسان الممزوجة من عنصري الطين والروح، فإن عنصر الطين يشده إلى الأرض، وما ترمز إليه من شهوات وملذات وغرائز، وهو بحاجة إلى إشباع غرائزه وشهواته من مأكل ومشرب وملس ومسكن ومنكح ..
أولاً: إن الإختلاف بين روايات النزح ليس معضلة عظيمة، ولا هي مسألة عقائدية يسقط مذهب أهل البيت «عليهم السلام» عن الإعتبار بسببها، بل هي مجرَّد روايات قد تتفق وقد تختلف، واختلاف روايات أهل السنة فيما بينها في كثير من المسائل لا يكاد يقف عند حدّ، ولا يحصر بعدّ.. فلماذا لم يسقط بها التسنن أيضاً؟!
رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنهُ قَالَ: "مَا قُدِّمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله طَعَامٌ فِيهِ تَمْرٌ إِلَّا بَدَأَ بِالتَّمْرِ" 1.
عندما عزم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) على الهجرة لم يقم بتقسيم أصحابه إلى قسمين بحيث يجعل قسماً معه حتّى يحفظهم من القتل، ويجعل قسماً آخر في معرض القتل ويُعرّض أرواحهم للخطر. فإن المعتاد في الحروب وميادين القتال إبعاد الضعفاء من ساحة المعركة والمواجهة مع العدوّ، وذلك بنقلهم إلى مناطق آمنة، وفي المقابل الإبقاء على العناصر القويّة والكفوءة في الصفوف الأُولى لجبهات القتال والمواجهة. وذلك هو ما قام به النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
من خطاب الثورة في زمن، إلى خطاب النهضة في زمن أخر، ها نحن قد وصلنا إلى خطاب الإصلاح، فهل دخل العالم العربي مرحلة الإصلاح؟ وكيف نكسب هذه المرحلة ولا نخسرها كما خسرنا الوعود والآمال في المراحل السابقة؟
إن الله سبحانه قد وضع الكعبة المشرفة والبيت الحرام في تلك البقعة المباركة من لدن آدم (عليه السلام).. وهو مكان يستحيل بحسب العادة أن يكون مهداً للحضارات، ومصدراً للرقي الإنساني، وموضعاً لنشوء المجتمعات المتحضرة والراقية.. لأنه يفقد أدنى المقومات المطلوبة لذلك.. ولكن الإرادة الإلهية، والهدى الرباني قد أعطى في هذا المجال نتائج مذهلة..
التكفير أو التكتف في الصلاة بدعة، وهو وضع اليد على الأخرى في الصلاة، وبهذه الصفة مُبطلٌ للصلاة، سواءً للرجل أو المرأة. ففي الحدائق الناضرة للمحقق البحراني قدس سره: 9 / 10: (وعن حريز عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال: "لا تُكَفِّر، إنما يصنع ذلك المجوس"! أقول: ويدل عليه أيضاً ما رواه في الخصال عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: "لا يجمع المؤمن يديه في صلاته وهو قائم بين يدي الله عز و جل، يتشبه بأهل الكفر، يعني المجوس".
غير أنّ هذه الشُبهة نشأت مِن خطأ هؤلاء المفسّرين وليست واردة على القرآن. فقد كان تعبير القرآن أنّ النُطفة ـوهي خليّة الذَكَر تمتزج ببويضة المرأةـ تتحوّل إلى علقة: كُرة جرثوميّة لها خلايا آكلةً وقاضمةً تُعلّق بواسطتها وبواسطة حملات دقيقة بجدار الرحم، تتغذّى بدم المرأة، وهذه النُطفة الصغيرة العالقة تشبه دودة العَلَقة التي تَمتصّ الدم. ثمّ إنّ هذه العَلَقَة تتحوّل إلى كُتلة غُضروفيّة تشبه ممضوغة العِلك في الفم، وتكون منشأ لتكوين العظام ثُمّ تكوين العضلات بعد بِضعة أيّام؛ لتكسو العظام أي تُغطّيها وتلتحم معها.
وهكذا الحال مع قيام وتتابع الدولة العربية الحديثة التي صادف قيامها نكبة 1948م وضياع القدس وفلسطين، إلى نكسة 1967م، ومن أزمة احتلال الكويت إلى دخول القوات الأمريكية العراق، ومن فشل في السياسة إلى فشل في الاقتصاد، ومن فشل في التربية إلى فشل في التعليم... وهكذا التاريخ يتلاحق بين هزيمة وفشل. الواقع الذي كرس معه الإحباط، وذهنية الفشل، وضمور الإرادة، والإحساس بالعجز، وانسداد الأفق.
أحدث التعليقات