الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

تأملات في حديث (فاطمة أم ابيها)

قال الرسول (ص) (فاطمة أم أبيها)
صدق الرسول الكريم (ص)

هذا الحديث الشريف يعتبر من الحقائق المحمدية التي نصت على كنية الصديقة الكبرى فاطمة(ع) وهو من الأحاديث المتواترة. وتواتر الحديث بمعنى توارده بحيث لايتواطىء عليه الكذب، والتواتر يعتبر من الطرق الوجدانية لإثبات صدور الحديث عن المعصوم.
ولفهم الحديث نقول هناك تفسيران لهذا الحديث:

التفسير الأول: السطحي السائد.
التفسير الثاني: التفسير التعمقي ألتأملي لهذا الحديث.

التفسير الأول: وهو التفسير القائل بأن محمدا( ص) بعد أن فقد حنان وعطف أم المؤمنين خديجة، بحيث أن خديجة كانت تعامل النبي (ص) معاملة الأم لولدها وكان الرسول (ص) يفتقر إلى عطفها وحنانها ،عوضته فاطمة جميع ذلك ، فقال (ص) فاطمة أم أبيها.
ويمكن النقض على هذا التفسير بوجهين:
الأول منهما: من الصعب قبوله لأن النبي (ص) يفيض عطفا وحنانا ورحمة للعالم كله فلا يفتقر إلى عطف وحنان أحد ، كيف وهو الرحمة للعالمين ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ 1
الوجه الثاني: أن الحديث ينص على كنية للصديقة فاطمة والمكني رسول الله (ص)، والنبي(ص) لا ينطق عن الهوى .قال تعالى:﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴾ 2

التفسير الثاني: (التفسير ألتأملي ألتعمقي)
ويمكن من خلاله فهم كلمة النبي بعدة معاني:
المعنى الأول: الرضا.
المعنى الثاني: التمييز.
المعنى الثالث: الأصالة.
المعنى الرابع: العصمة.

المعنى الأول: الرضا، ومفاده أن الرسول حينما قال فاطمة أم أبيها .فقد وضع نفسه بأبي هو وأمي بمنزلة الولد لفاطمة، وفرض على الولد أن يسعى لتحصيل رضا أمه ، فإذا كان الرسول(ص) الذي هو القدوة والأسوة يسعى لتحصيل رضا فاطمة، فمن باب أولى يجب على المسلمين المؤمنين به (ص) أن يبادروا لتحصيل رضا الزهراء(ع) إقتداء ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ 3

المعنى الثاني: التمييز، أو أنه أراد (ص) من المسلمين أن يميزوا بين كنية أم المؤمنين وهي كنية عظيمة، وبين كنية أم أبيها.
فعائشة أم المؤمنين وحفصة أم المؤمنين خديجة أم المؤمنين ...الخ من نساء النبي(ص) ، ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ... 4
ولكن المؤمنون فيهم الغث والسمين والمتردية والنطيحة، ولا يمكن لمسلم أن ينكر هذه الحقيقة التي أقرها القرآن حيث قال تعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ 5
فلم يقل تعالى كل المؤمنين رجال وذلك لأن من تبعيضية.
فمن يجرء فيقول من المسلمين بأن عمرو ابن العاص الذي دفع الموت المحتم بسوءته رجل؟
ومن يقول بأن مروان ابن الحكم رجل...وغيرهم ممن نسب إلى الإيمان، والإيمان منه بريء كبراءة الذئب من دم نبي الله يوسف.
وأما فاطمة فهي أم أبيها فقط ، ويا لعظم هذه الكنية التي خصت فاطمة برسول الله(ص).

المعنى الثالث: العصمة، جميع الخصائص الموجودة عند الولد موجودة عن الأم ، فمن نفى العصمة عن الرسول (ص)نفاها عن فاطمة ومن أثبتها للرسول(ص)أثبتها لفاطمة(ع)، فصدق الرسول صدق فاطمة وصبر الرسول صبر فاطمة وحلم الرسول حلم فاطمة ..الخ من خصائص الرسول(ص)، ولذا كانت فاطمة أشبه الناس برسول الله (ص) خلقا وخلقا ومنطقا ، وكانت مشيتها تحاكي مشية الرسول(ص).

المعنى الرابع: الأصالة ، بمعنى أن فاطمة هي الأصل المغذي لشجرة النبوة والإمامة كما قال الباقر عليه السلام : الشجرة الطيّبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفرعها عليّ عليه السلام وعنصر الشجرة فاطمة عليها السلام وثمرتها أولادها ، وأغصانها وأوراقها شيعتها 6.