عن صحيح الترمذي، عن صبيح مولى أم سلمة، وزيد بن أرقم قالا: إنّ رسول الله صلى الله عليه واله قال لعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام: «أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُم».
هذا الحديث الشريف يعتبر من الحقائق المحمدية التي نصت على كنية الصديقة الكبرى فاطمة(ع) وهو من الأحاديث المتواترة. وتواتر الحديث بمعنى توارده بحيث لايتواطىء عليه الكذب، والتواتر يعتبر من الطرق الوجدانية لإثبات صدور الحديث عن المعصوم. ولفهم الحديث نقول هناك تفسيران لهذا الحديث:
الكتاب الذي بين يديك- أيها القارىء الكريم- في الحقيقة اجابة لسؤالٍ، وإن كان لم يطرح مباشرة، والسؤال المطروح: ما هو مقام فاطمةعليها السلام وما هي حجّيتها وولايتهاكذلك؟ وللاجابة عن ذلك، عقد الأستاذ المحقق حفظه اللّه بحوثاً جاءت على شكل بيان لمقامات فاطمية نابعة من القرآن ومفسّرةً بالسنّة، فالدراسة لا تتعدى عن محاولة قِراءة الأيات القرآنية بواسطة السنّة الشريفة وصياغة كل مقام صياغة فقهية قانونية، ومحاولة معرفة البُعد الفقهي القانوني لكل آية وحديث متّفق لدى الفريقين.
كون ولاية زواجها بيده تعالى خاصّة، دون الرسول صلى الله عليه وآله ودون الإمام المعصوم، مع أن مقتضى قوله تعالى: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ... ﴾1 هو ولايته على كل أفرادالمؤمنين مقدمة على ولايتهم على أنفسهم، ومن ثَم زوّج النبي صلى الله عليه وآله من زيد بن حارثة مولاه ...
من مقامات فاطمة الزهراء ولايتها فى ألامور العامة بما فيها الاموال العامّة وذلك لدخولها في عنوان ذوي القربى، بل هي أول من يصدق عليها هذا العنوان فلم يكن أحداً أولى بالنبي منها عليها السلام فتدخل في ذوي القربى اللازم مودتهم أي اللازم ولايتهم، والتي تعني ولايتها عليها السلام، وهي عامة كما تدخل في الولاية المفادة في آية الانفال والفيء والخمس المقتضية لكون ادارة الاموال العامة تحت نظرها بل ذلك هو عين الولاية في الامور العامّة.
انّ ثبوت حقها في الخمس بعنوان ذوي القربى ومطالبتها به عند مخاصمتها لأبي بكر محتجة على ذلك لكونها أول قرابة النبي صلى الله عليه وآله- كما قد تبيّن ذلك في الجهة السابقة- مقتضٍ لثبوت ولايتها العامة، وان لم تكن اماماً وذلك لأن الخمس أكبرضريبة مالية في التشريع الاسلامي، وهي تزيد على حاجات بني هاشم- زادهم الله شرفا- اذ الخمس كما هو واضح هو 20% من مجموع رساميل الامة.
ما ورد في روايات اباحة الخمس والانفال لشيعتهم المحمول على المواردالمخصوصة الثلاثة فتوى ونصاً قد تضمنت تلك الروايات اذن الصديقة عليها السلام فيذلك بجانب اذن الرسول صلى الله عليه وآله واذن الامير واذن الحسنين وباقي الائمة عليهم السلام.
انّ أول من ينطبق عليه عنوان ذوي القربى رتبة هي الصديقة الزهراء صلوات الله عليها وذلك بمقتضى بنوتها لهصلى الله عليه وآله فهي أقرب رحماً، ويشهد لذلك أيضاً ما نزلمن قوله تعالى: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ... ﴾1.
من المقرر والمحرر في محله كون الانفال هي الفيء بعينه، وقد جُعلت ولايته و ملكية التصرف فيه لله وللرسول ولذي القربى. والانفال والفيء كما هو محرر في الفقه، عموم الموارد والمنابع الطبيعية أي الثروة في بلاد المسلمين ...
اشتركت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام مع أهل البيت عليهم السلام بما نزل فيهم من آيات، وكان ذلك اشتراك حجية وشمول منزلة ولزوم طاعة لولايتها عليها السلام فضلًا عما ورد من أحاديث نبوية تشير الى منزلة أهل البيت عليهم السلام وتؤكد في الوقت نفسه حجيتهم، وكان لفاطمة عليها السلام اشتراكها مع أهل البيت عليهم السلام كذلك.
شهدت الساعات الاولى من رحيل النبي صلى الله عليه وآله صراعاً عنيفاً بين اجنحة التيارات الطامحة في الحكم، ولم يمر وقت قليل حتى تمت تصفية حسابات توزعت منخلالها مناصب الحكم لتتفق بعد ذلك على اقصاء الشرعية الالهية المتمثلة في الامام علي عليه السلام.
لا تزال خطبة السيدة فاطمة عليها السلام ترن في أسماع الدهر، وتتجدد على مرّ العصورمؤكدة في الوقت نفسه جوانب شخصيتها الالهية ومقامات معرفتها الربوبية مشيرةالى عظيم ما اطّلعت عليه من مكنون علمه ومخزون معارفه، والتي لا يُطلعها إلاعلى خاصة أوليائه وأهل صفوته وسدَنَةِ أسراره، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
ذهب الى ذلك الفخر الرازي بقوله: الكوثر اولاده صلى الله عليه وآله لأن هذه السورةنزلت رداً على من عابه بعدم الاولاد، فالمعنى أنه يعطيه نسلًا يبقون على مر الزمان، فانظر كم قتل من اهل البيت ثم العالم ممتلى منهم ولم يبق من بني أمية في الدنياأحد يُعبأ به.
عن سلمان الفارسي: قال رسول الله ص : يا سلمان، من أحب فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي، ومن أبغضها فهو في النار. يا سلمان، حب فاطمة ينفع في مائة من المواطن أيسرها الموت، والقبر، والميراث، والمحشر، والصراط، والعرض، والحساب ...
روى الفريقان أن رضا فاطمة رضا الله تعالى وغضبها غضبه، فقد روي فيعوالم العلوم عن المناقب: أن النبي صلى الله عليه وآله قال:» يا فاطمة انّ الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك.
كما أن الرسالة قد تجلت في الرجال، وخصوصاً في رسول الله محمد صلى الله عليه وآله، الذي كان خلقه القرآن، وكان المجسّد للرسالة. فان هذه الرسالة قد تجسّدت أيضاً في النساء، وفي مقدمتهنّ شخصية سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام، التي عاصرت الإسلام منذ أيامه الأولى، وهي في بيت الوحي.
أن محاولتنا هذه في استقصاء ما نزل من القرآن في شأن فاطمة (عليها السلام)، هي إحدى المحاولات التي بحثها القدماء فضلا عن المتأخرين في استقصاء ما نزل من القرآن في علي (عليه السلام) أو ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام).