مجموع الأصوات: 2
نشر قبل أسبوع واحد
القراءات: 91

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

العامل الديني والثقافي في تفسير ظاهرة العنف

يحاول هذا العامل أن يقدم تفسيراً لظاهرة العنف من خلال تحليل طبيعة التصورات والمقولات والأفكار الدينية والثقافية عند الجماعات التي سلكت هذا النهج. ويتأكد اهتمام الدارسين لهذا العامل باعتبار أن معظم الجماعات التي انتهجت هذا المسلك في العالم العربي والإسلامي كانت تصنف على الجماعات الدينية أو الأيديولوجية. وتكوين المعرفة العلمية والموضوعية بهذا العامل بحاجة إلى معرفة وخبرة دينية وثقافية. وفي نطاق هذا العامل، يمكن تحديد بعض النظريات التي يستفاد منها في تحليل ظاهرة العنف، وكيف تتحول هذه الظاهرة إلى سلوك عند بعض الجماعات، من هذه النظريات:
النظرية الأولى: هناك من يرى أن ظاهرة العنف لها علاقة بفشل أو تعثر مشاريع التنمية والتحديث، أو سياسات التطبيق الفوقي والقسري لهما، وتأثير هذه السياسات في تهميش الدين واستبعاده، أو التقليل من مكانته وشأنه في حياة الناس، وفي الشأن العام بصورة عامة. الوضع الذي أحدث اختلالات عميقة في منظومات القيم، وتمزقات في الهوية الدينية والفكرية، بالشكل الذي خلق أنماطا من ردات الفعل. أحد هذه الأنماط أخذ منحى العنف، كالذي ظهر في تعرض بعض المثقفين إلى محاولات عنف بسبب مواقفهم المغالية للحداثة ونقد الفكر الديني، مثل اغتيال احمد كسروي في إيران قبل الثورة، وفرج فودة في مصر.
النظرية الثانية: وهناك من يرى أن ظاهرة العنف لها علاقة بطبيعة التكوين الديني والأيديولوجي عند الجماعات التي تنغلق على نمط من التعليم والتثقيف لا يمتلك القدرة على التواصل مع العصر، ويقطع الصلة بثقافات العالم ومعارفه. وبالتالي لا يكتسب القدرة على التكيف والاندماج مع الآخر المختلف معه ثقافياً أو سياسياً، أو حتى دينياً. فهذه القطيعة والانغلاق قد تدفع بعض الجماعات إلى التصادم مع الآخرين وعدم القدرة على التعايش معهم، التصادم الذي يمكن له أن يتطور في أي وقت إلى حالة من العنف. ويصدق هذا الوصف على كثير من الجماعات وبالذات التي وصفت بجماعات التكفير والهجرة. وهي الجماعات التي تبنت فكرة العزلة ليس الشعورية فقط التي قال بها سيد قطب، وإنما العزلة المادية أيضا بعد أن قالوا بجاهلية المجتمعات العربية المعصرة، ومن هنا جاء وصف التكفير والهجرة.
النظرية الثالثة: هناك من يرى أن ظاهرة العنف لها علاقة بهيمنة بعض المقولات والتصورات التي تقرأ وتفسر بكيفية معينة تدفع نحو الانغلاق والقطيعة، وتشكل مناخا نفسيا وفكريا قد تحرض على العنف وتدفع إليه. مثل المقولة القديمة التي تقسم العالم إلى دار حرب ودار إسلام ودار عهد، أو النظر إلى المجتمعات الإسلامية المعاصرة من خلال مقولتي الجاهلية والحاكمية، أو تفسير مقولة الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطق معين، وهكذا مقولة التكفير.. وغيرها من المقولات التي تنزع نحو الصدام والمواجهة.
هذه بعض النظريات التي يمكن أن تساعد في تحليل ظاهرة العنف1.

  • 1. الموقع الرسمي للأستاذ زكي الميلاد و نقلا عن صحيفة عكاظ، العدد 13836.