مجموع الأصوات: 30
نشر قبل سنة واحدة
القراءات: 1347

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

العامل السياسي في تفسير ظاهرة العنف

يحاول هذا العامل السياسي أن يقدم تفسيراً لظاهرة العنف بالعودة إلى المنظورات السياسية المرتبطة بهذه الظاهرة، سواء تلك المنظورات التي تتصل بهذه الظاهرة من داخلها، أو تلك المنظورات التي تتصل بهذه الظاهرة من خارجها. والذي يتصل بهذه الظاهرة من الداخل يتحدد إما في التقديرات السياسية التي تظهر في المواقف والسلوكيات العملية، وإما في طبيعة التصورات السياسية التي تعبر عنها الجماعات التي سلكت هذا النهج في أدبياتها وقراءاتها النظرية، وإما في نمط الانفعالات السياسية أحيانا. والذي يتصل بهذه الظاهرة من الخارج يتحدد في نوعية الأرضيات الموضوعية، وتأثير المناخات العامة، المحلية والإقليمية والدولية، التي تتفاعل مع تلك الظاهرة وتؤثر على سلوكياتها، من جهة العلاقة مع المجتمع، أو من جهة العلاقة مع السلطة. والمنظورات السياسية هي حاضرة دائما في معظم أو جميع ظواهر العنف التي ظهرت في المنطقة العربية والإسلامية، ومن السهولة فهمها والتعرف عليها، لانكشافها وإمكانية التعبير عنها.
وفي نطاق هذا العامل السياسي تبلورت العديد من النظريات التي حاولت أن تقدم تفسيرات سياسية لظاهرة العنف. ومن النظريات المطروحة في هذا المجال، ولعلها الأكثر تطبيقا على هذه الظاهرة، والأكثر تداولا في المجال السياسي، منها ما يلي:
النظرية الأولى: هناك من يرى أن العنف لا يظهر إلا في المجتمعات غير الديمقراطية، أو التي لا تلتزم بحكم القانون والدستور، ولا تحترم الحريات العامة وتدافع عن حقوق الإنسان. والعنف الذي قد يظهر في المجتمعات الديمقراطية فإنه لا يستطيع أن يتجذر ويبقى أو يكتسب تأييداً ومشروعية، أو حتى يمتلك القدرة على التأثير والفاعلية. لهذا سرعان ما يتلاشى العنف في هذه المجتمعات الديمقراطية. في حين أنه يستطيع التجذر والبقاء في المجتمعات غير الديمقراطية، وقد يمتلك القدرة على التأثير والفاعلية فيها. وبحسب هذه النظرية فان العنف يتلازم وجودا وعدما بالديمقراطية وجودا وعدما.
النظرية الثانية: وهناك من يرى أن عنف الجماعات هو نتيجة لعنف الحكومات. فيكون العنف بحسب هذه النظرية ليس فعلا أوليا، وإنما هو نتيجة ردة فعل لعنف الحكومات. ولهذا يقال أن الجماعات تنشأ على صورة الحكومات، فالحكومات الديمقراطية تنشأ في ظلها جماعات ديمقراطية، والحكومات المتشددة تنشأ في ظلها جماعات متشددة. وهناك أيضا من يبرر لهذا العنف في نطاق هذه النظرية، لكونه الوسيلة التي تستخدمها السلطة نفسها، على قاعدة مواجهة العدو بسلاحه.
النظرية الثالثة: وهناك من يرى أن العنف يظهر عند بعض الجماعات باعتباره الوسيلة الفعالة في التغيير السياسي، وفي الوصول إلى السلطة. أو الوسيلة الأخيرة عند بعض الجماعات بعد استنفاد كافة الوسائل الأخرى في عملية الصراع السياسي.
النظرية الرابعة: وهناك من يرى أن ظهور العنف عند بعض الجماعات له علاقة بحصول اشتعال ثورات أو قيام حروب. فالثورة في روسيا سنة 1917م حرضت أو ساهمت في تحريض الجماعات اليسارية على العنف، والثورة في إيران سنة 1979م، هي الأخرى حرضت أو ساهمت في تحريض بعض الجماعات الإسلامية على العنف. وهكذا قيام الحروب، فالحرب الأفغانية سنة 1979م ساهمت في تحريك نزعات العنف، وحصلت هذه الحالة أيضاً مع حرب الخليج الثانية سنة 1991م.
هذه محاولة لتطبيق العامل السياسي في تفسير ظاهرة العنف، إلى جانب العوامل الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والدينية والثقافية المفسرة لهذه الظاهرة1.

  • 1. الموقع الرسمي للأستاذ زكي الميلاد و نقلا عن صحيفة عكاظ، العدد 13843.