آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي دامت بركاته
هو الشيخ ناصر بن محمد كريم بن محمد باقر مكارم الشيرازي .
هو أحد الفقهاء المراجع و المفسّرين المعاصرين في الحوزة العلمية في مدينة قم المشرفة .
ولد سماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی فی عام 1345 ه في مدینة شیراز و في أسرة متدینة تتحلى بمکارم الأخلاق ، و تعرف بالفضیلة و الصلاح .
درس المقدمات و السطوح العالية في شيراز ثم في الحوزة العلمية بقم المشرفة لدى ثلة من العلماء أمثال : آية الله الموحد و آية الله البروجردي و السيد محمد الحجة و السيد محمد محقق الداماد .
انتقل إلى النجف الأشرف للحضور عند أعلام الحوزة العلمية في النجف الأشرف مثل السيد الخوئي و السيد محسن الحكيم .
عاد إلى قم المقدسة بعد أن نال إجازة الاجتهاد من قبل آية الله الاصطهباناتي و آية الله محمد حسين كاشف الغطاء .
كان له دور في قيام الثورة الإسلامية في إيران ، و أيضاً مشاركة مؤثرة مع الخبراء الأوائل في تدوين دستور الجمهورية الاسلامية في ايران .
من الواضح أنّ الکثیر من الصفات لا یمکن جمعها فینا نحن البشر، وکذا الأمر بالنسبة للموجودات الاُخرى. فمثلا: من کان فی أوّل الصفّ لا یمکن أن یکون فی نفس الوقت فی آخره، وکذلک إذا کنت ظاهراً فلیس بالمقدور أن تکون فی نفس الوقت باطناً والعکس صحیح أیضاً.
عندما یثبّت أن عالم الوجود منه، وهو الذی أوجد جمیع قوانینه التکوینیة فینبغی أن تکون القوانین التشریعیة من وضعه أیضاً، ولا تکون طاعة إلاّ له سبحانه. ثمّ یقول فی نهایة الآیة:﴿ ... أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ ﴾1. فهل یمکن للأصنام أن تصدَّ عنکم المکروه أو أن تفیض علیکم نعمة حتى تتقوها وتواظبوا على عبادتها؟!
هذا التفکیر یحرر الإنسان من الإنشداد إلى أىّ موجود من الموجودات، ویربطه بالله وحده، وحتى لو تحرک هذا الإنسان فی دائرة استنطاق عالم الأسباب، فإنّما یتحرّک بأمر الله تعالى، لیرى فیها تجلّی قدرة الله، وهو مُسَبِّبُ الأسْبَابِ.
إنَّ عبارة «خزائن اللّه» وما شابهها لا تصف مقام الرب وشأنه الجلیل، ولا یصح أن نعتبرها بعین معناها، وإنّما استعملت للتقریب، من باب تکلّم الناس بلسانهم، لیکونوا أکثر قرباً للسمع وأشد فهماً للمعنى.
یعنی أن کلّ وجود وکلّ حرکة وکلّ فعل فی العالم یعود إلى ذاته المقدّسة، فهو مسبب الأسباب وعلة العلل. حتى الأفعال التی تصدر منّا هی فی أحد المعانی صادرة عنه.
من جملة الخرافات التی کان یعتقد بها عبدة الأصنام قولهم ـ جهلا ـ إنّ لله بنین وبنات:﴿ ... وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ... ﴾1. أفضل دلیل على أنّ هذه العقائد لیست سوى خرافة، هو أنّها تصدر عنهم ﴿ ... بِغَيْرِ عِلْمٍ ... ﴾1 أی إنّهم لا یملکون أىّ دلیل على هذه الأوهام.
المقصود هو الشهادة العملیة والعقلیة، لا الشهادة اللّفظیة، أی إنّ الله بخلقه عالم المخلوقات قد أظهر عملیاً أنّ الخالق والمعبود فی العالم لیس أکثر من واحد، وأنّ کلّ شیء ینطلق من ینبوع واحد، وعلیه فإنّ خلق هذا النظام الواحد شهادة ودلیل على وحدانیّته.
«اللطیف» من مادة «لطف» وقد وردت هذه الصفة فی الآیات کاحدى الصفات الالهیّة، واللطیف إذا وصف به الجسم دلّ على الخفیف المضاد للثقیل، ویعبّر باللطافة واللطف عن الحرکة الخفیفة وعن تعاطی الاُمور الدقیقة التی قد لا تدرکها الحواس، ویصح وصف الله تعالى باللطف على هذا الوجه لمعرفته بدقائق الاُمور، ولخلقه أشیاء دقیقة لطیفة غیر مرئیة.
المشرکون، وإن اعتقدوا أنّ الله هو خالق العالم، کانوا یتخذون من الأصنام ملجأً لأنفسهم، ولربّما اتخذوا صنماً لکلّ حاجة معیّنة، فلهم إله للمطر، وإله للظلام، وإله للحرب والسلم، وإله للرزق، وهذا هو تعدد الأرباب الذی ساد الیونان القدیم.
ان الله تعالى ذکر مثالاً فی القرآن یدل على وحدانیته وینقی وجود شریك له حیث قال فی سورة "الروم" الآیة رقم 28: لو کان لدیکم ـ أیّها المشرکون ـ عبید وممالیك فـ ﴿ ... هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ... ﴾1
قال أمير المؤمنين(علیه السلام): «إذا أردت أن تدعو باسمه الأعظم، فاقرأ من أوّل سورة الحدید إلى آخر ستّ آیات منها (علیم بذات الصّدور)، وآخر سورة الحشر یعنی أربع آیات ثمّ ارفع یدیک فقل: یامن هو هکذا أسألک بحقّ هذه الأسماء أن تصلّی على محمّد وأن تفعل بی کذا وکذا ـ ممّا ترید ـ فوالله الذی لا إله غیره لتنقلبنّ بحاجتک إن شاء الله».
المراد منه حصر العبادة باللّه سبحانه وهذا هو الاَصل المتفق عليه بين جميع طوائف المسلمين فلا يكون المسلم مسلماً إلاّ بعد الاعتراف بهذا الاَصل، وشعار المسلمين الذي يردّدونه كل يوم هو قوله سبحانه:﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ... ﴾1 فعبادة غيره إشراك للغير مع اللّه في العبادة، موجبة لخروج المسلم عن ربقة الاِسلام.
توحید الصفات: أی إنّ صفاته لا تنفصل عن ذاته، ولا تنفصل عن بعضها. على سبیل المثال العلم والقدرة فی الإنسان عارضان على ذاته. ذاته شیء، وعلمه وقدرته شیء آخر، کما أنّ علمه وقدرته منفصلان عن بعضهما.
إنّ وجود الله تعالى لیس له نهایة ولا یحدّ بحدّ، وکل شیء غیره له نهایة وحدّ من حیث القدر والعمر والعلم والحیاة والإرادة والفعل...; وفی کلّ شیء. وهذا هو خط تنزیه الخالق من نقائص الممکنات.
أنّ إبراهیم (علیه السلام) من أجلِ أن یبیّن مراحل الربوبية یمضی نحو خالقیّة الله أولا، ثمّ یبیّن بجلاء مقام ربوبیته فی جمیع المراحل: فالمرحلة الاُولى مرحلة الهدایة. ثمّ مرحلة النعم المادیّة، وهی أعمّ من إیجاد المقتضی والظروف الملائمة أو دفع الموانع...
موضوع «معرفة الله الفطریة» لم یختص به القرآن الکریم فحسب، بل هو وارد فی الأحادیث الإسلامیة بشکل یسترعی الإنتباه، حیث إنّ بعضها یؤکّد على التوحید بالفطرة، وبعضها یؤکّد على المعرفة، وقسم یتناول الفطرة «على الإسلام» وأخیراً فإن قسماً منها تناول عنوان الولایة أیضاً.
نجد بوضوح من سیادة نظام موحّد لساحة الوجود کلّه، فالقوانین السائدة لهذا العالم فی أرضه وسمائه واحدة، والنظام الحاکم لذرّة واحدة هو ذاته یحکم المجموعة الشمسیّة والمنظومات الکبیرة، ولو اُتیحت لنا صورة مکبّرة لذرّة واحدة لحصّلنا على شکل المنظومة الشمسیّة، والعکس صحیح.
من البدیهی أنّ الخالق والمالک یکون مدبّراً لأمر العالم أیضاً، وبهذا تثبت أرکان التوحید الثلاثة، وهی: «توحید الخالقیة» و«توحید المالکیة» و«توحید الربوبیة». والذی یکون على هذا الحال فإنّه غنیّ عن کلّ شیء، وأهل لکلّ حمد وثناء.
تشیر آیه 42 من سورة «الاسراء» إلى واحد من أدلة التوحید والذی یعرف بین العلماء والفلاسفة بعنوان «دلیل التمانع» إذ الآیة تقول للنّبی(صلى الله علیه وآله): قل لهم:﴿ قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَىٰ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ﴾1.