نشر قبل 7 سنوات
مجموع الأصوات: 79
القراءات: 7706

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

زواج ابناء آدم ( عليه السلام )

نص الشبهة: 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ما هو المعيار في اعتبار الشيء مستحسناً أو مستقبحاً عقلائياً؟ وهل تتدخل الروايات في ذلك؟ وهنا تحضرني قضية زواج أبناء النبي آدم (عليه السلام) ببناته ورأي المفسرين في ذلك. إذ إن السيد الطباطبائي (رحمه الله) يقول بأن ذلك ليس مستقبحاً عند العقلاء. بينما يقول السيد السبزواري (رحمه الله) بأن ذلك مستقبح حسبما يظهر من الروايات. فما هو تعليقكم على ذلك؟

الجواب: 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإن العدلية يرون أن للحُسن والقبح واقعية وقيمة ذاتية في الأفعال، وأن هذه القيمة هي التي تجعل العقل يرجح ذلك الفعل..
فالفعل الحسن هو ما ينبغي فعله عند العقلاء، ويستحق فاعله عليه المدح. والقبيح هو ما ينبغي تركه، ويستحق فاعله الذم. أي أن عقل جميع العقلاء يدرك أن هذا ينبغي فعله، وذاك ينبغي تركه.
وهذا الإدراك هو المراد بحكم العقل، بالحسن والقبح.
وهذا ما يصطلح عليه بالعقل العملي.. لأن المدرك هو مما ينبغي أن يفعل أو يترك، أما العقل النظري فهو الذي يتعلق فيما ينبغي أن يعلم، مثل الكل أعظم من الجزء.
وإدراك المصلحة والمفسدة، وإدراك الكمال والنقص هو من موارد العقل النظري، لأن هذا مما ينبغي أن يعلم.
أما إدراك أن هذا مما ينبغي فعله، لأنه كمال للنفس، أو لأن فيه مصلحة، فيدخل في دائرة العقل العملي.
والدخول في بيان الأقسام المختلفة والوصول إلى المعايير يحتاج إلى بسط في القول وتوسع في البيان. وليس ههنا محله.. فيمكن مراجعة الكتب التي بحثت هذا الموضوع، ولعل أيسرها كتاب أصول الفقه للشيخ محمد رضا المظفر..
وبملاحظة ما ذكرنا، نقول:
إن من المعلوم: أن الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية وليست مجرد انشاءات وهذا معناه: أنه لا يمكن أن يكون زواج الأخ بأخته حلالاً، ثم يصير حراماً..
والمصالح والمفاسد قد تكون ظاهرة ومعلومة، وقد تكون مما يحتاج إلى تعليم وكشف، وبيان، فإذا تولى الشارع الكشف عن هذه المصالح والمفاسد، فيدرك العقل القبح والحسن في مجال العمل، من حيث يحكم بأن ما فيه مصلحة واقعية لابد أن يكون مما ينبغي فعله، وما فيه مفسدة واقعية فهو مما ينبغي تركه.
وحكم الشارع بحرمة زواج الأخ بأخته، حكماً مؤبداً، ومترتباً على الموضوع بعنوانه الأولي أي من حيث هو أخ، وأخت فإن ذلك يكشف عن وجود مفسدة واقعية اقتضت هذا الحكم.. فيأتي العقل العملي ليحسِّن أو ليقبح عمل ما ظهرت مصلحته، أو مفسدته..
ولعل هذا هو السبب في حكم السبزواري بقبح زواج الأخ بأخته فيما يرتبط بأبناء آدم عليه السلام
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين 1..

  • 1. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، « المجموعة السادسة »، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 ـ 2003، السؤال (298).