حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
رأي العدلية ( القائلين بالحسن والقبح العقلي )
أقسام الفعل1:
القسم الأوّل :
إنّ من الأفعال ما هي حسنة في ذاتها .
وإنّ من الأفعال ما هي قبيحة في ذاتها .
ويكون الشارع عند تحسينه وتقبيحه لهذه الأفعال كاشفاً عن حُسن هذه الأفعال أو قبحها لا موجباً وسبباً لها .
قدرة العقل على معرفة الحسن والقبح الذاتي لهذه الأفعال :
1 ـ يتمكّن العقل ـ في بعض الأحيان ـ من اكتشاف ومعرفة حسن أو قبح هذه الأفعال ، مع غض النظر عن حكم الشارع ، ويكون حكم الشارع في هذه الحالة مجرّد تنبيه ليلتفت الإنسان إلى حكم العقل .
2 ـ لا يتمكّن العقل ـ في بعض الأحيان ـ من اكتشاف ومعرفة حسن أو قبح هذه الأفعال ، وذلك لخفاء ملاكاتها عليه ، فيكشف الشارع له ذلك .
تنبيه :
يعود هذا الخفاء إلى قصور العقل في تلك الحالات عن إدراك المحاسن والمصالح الكامنة في تلك الأفعال .
القسم الثاني :
إنّ من الأفعال ما ليس لها حسن أو قبح في ذاتها ، فيقف العقل عند الحكم على حسنها أو قبحها ، ويكون الشارع في هذه الحالة هو المصدر الوحيد لبيان حسن وقبح هذه الأفعال.
مثال :
حسن العمل بالشرايع وقبح تركه، من قبيل: الطهارة والنجاسة والأعمال العبادية .
تنبيه :
إنّ العقل يدرك ـ أحياناً ـ الجهة الداعية لأمر اللّه تعالى والجهة الباعثة على نهيه ، وقد تخفى عليه هذه الجهات غير أنّ العقل يحكم حكم اليقين بأ نّه لو اطّلع على ما خفي عليه لكان حكمه موافقاً تماماً لحكم الشرع .
خلاصة رأي العدلية :
إنّ العقل البشري قادر من صميم ذاته ـ على إدراك "حُسن" أو "قبح" بعض الأفعال من دون الاستعانة بحكم الشرع .
ويكون الشرع عند تحسينه وتقبيحه لهذه الأفعال كاشفاً عما يدرك العقل ومرشداً إليه ، وليس للشرع في هذه الأفعال أن:
يحسّن ما هو قبيح ذاتاً .
أو يقبّح ما هو حسن ذاتاً .
ولهذا فإنّ الشكّ بالنبوّة يؤدّي إلى الشك بقبح أكل أموال الربا دون الشكّ بقبح الظلم .
قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام):
"بالعقل عرف العباد خالقهم ... وعرفوا به الحسن من القبيح"2.
تنبيهات :
1 ـ إنّ مقتضى التحسين والتقبيح العقليين هو أنّ العقل بنفسه يدرك أنّ بعض الأفعال ـ بنفسها ومن دون لحاظ شيء آخر ـ حسنة أو قبيحة ذاتاً ، بحيث يكون وصف الحسن والقبح ثابتاً وغير متغيّر لهذه الأفعال بصورة مطلقة 3.
مثال :
إنّ العدل حسن ذاتاً .
وإنّ الظلم قبيح ذاتاً .
ولهذا يحكم العقل بتحسين العدل وبتقبيح الظلم من خلال ملاحظة نفس موضوع العدل والظلم ، ومن دون تصوّر كون العدل يشتمل على الصلاح أو أنّ الظلم يشتمل على الفساد .
2 ـ إنّ الإمامية ذهبوا إلى إثبات الحسن والقبح العقليين استلهاماً في بحوثهم العقائدية ـ بعد القرآن الكريم والسنة النبوية ـ من إرشادات أئمة أهل البيت(عليهم السلام) ، وإنّ المعتزلة تابعت الإمامية في هذه المسألة دون العكس .
ولهذا قال العلاّمة الحلّي :
"ذهبت الإمامية ومن تابعهم من المعتزلة إلى أنّ من الأفعال ما هو معلوم الحسن والقبح بضرورة العقل"4.
ثمرة رأي العدلية (القائلين بالحسن والقبح العقليّين):
1 ـ إنّ العدل حسن بما هو عدل .
وإنّ الظلم قبيح بما هو ظلم .
وإنّ العقل البشري يكشف لنا ذلك من دون اعتماده على النص الشرعي والحكم الديني.
ولهذا يكون العقل المجرّد لوحده دون غيره هو الدال على ثبوت العدل الإلهي واستحالة صدور الظلم منه تعالى.
2 ـ إنّ من النتائج المترتّبة على إدراك العقل للحسن والقبح:
إنّ كلّ ما حكم العقل بحسنه ، فهو محبوب شرعاً.
وإنّ كلّ ما حكم العقل بقبحه ، فهو مذموم شرعاً.
ولهذا اشتهر عند الفقهاء: "كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع" 5.
- 1. انظر: الياقوت في علم الكلام ، أبو إسحاق إبراهيم بن نوبخت : القول في العدل ، ص45. كشف الفوائد ، العلاّمة الحلّي: الباب الثالث ، الفصل الأوّل ، ص 248. مناهج اليقين ، العلاّمة الحلّي: المنهج السادس ، المبحث الأوّل ، ص229. إرشاد الطالبين ، مقداد السيوري: مباحث العدل ، مسألة الحسن والقبح ، ص255.
- 2. الأصول من الكافي ، الشيخ الكليني: ج1 ، كتاب العقل والجهل ، ح35، ص29 .
- 3. انظر: الإلهيات ، محاضرات: جعفر السبحاني ، بقلم: حسن محمّد مكي العاملي: 1 / 287 .
- 4. نهج الحقّ ، العلاّمة الحلّي: المسألة الثالثة ، المبحث الحادي عشر، المطلب الثاني، ص82 .
- 5. المصدر: كتاب العـدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لـشيخ علاء الحسّون.