الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

اللاسامية الجديدة والتحول من المسيحية إلى الإسلام

في 1997م نشر الكاتب الأمريكي دانييل بايبس المعروف بنزعته المتشددة، ومن الوجوه اليهودية المؤثرة في الحياة السياسية الأمريكية، نشر مقالاً بعنوان (اللاسامية الجديدة) اعتبر فيه أن ظاهرة اللاسامية وهي تاريخيا ظاهرة مسيحية، أضحت اليوم ظاهرة مسلمة أساساً، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل حتى في الولايات المتحدة. والمسلمون اليوم حسب رأيه هم اللاساميون الأكثر نشاطا وتعبيراً، وهم أكثر من يساهم في كراهية اليهود هنا. ويتحدث المسلمون لغة لاسامية علنية ليس لها مثيل في أي مكان أخر في الغرب. وشاهده على ذلك ما رصده في تقرير (معاداة السامية حول العالم) وهو عبارة عن مسح سنوي تنشره رابطة مناهضة تشويه السمعة. حيث رصد في هذا التقرير كما يقول عنصرين صاعقين، ولكن غير معترف بهما. الأول يظهر أن المقر الأساسي للأقوال والأفعال المعادية لليهود انتقل من الدول المسيحية إلى العالم الإسلامي. والعنصر الثاني وهو ربما ينذر بسوء أكبر على حد وصفه، ويتلخص في أن المسلمين الموجودين في الدول ذات الغالبية المسيحية في كل من أوروبا وأمريكا، هم الذين يحملون بصورة متنامية شعار اللاسامية، ويشكلون خطراً ملموساً على اليهود. وهذا لا يعني والكلام لبايبس أن اللاسامية بين المسيحيين قد تبخرت، ولكنها أصبحت بوضوح اقل تأثيراً من ممارسات المسلمين.
وفي مارس 2003م نشر معهد الكونغرس اليهودي العالمي – وهو اتحاد لمجموعات ومنظمات يهودية تمثل 80 دولة في قارات العالم الست – تقريراً سياسياً حول اللاسامية الجديدة، جاء في مقدمته: شهدت السنتان الماضيتان تفشي معاداة السامية في أوروبا الغربية بشكل لم نشهده منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. أحرقت معابد ومدارس ومبان يهودية أخرى، وتعرض اليهود لعنف جسدي ولفظي. وفي حين كان المسلمون هم مرتكبي غالبية تلك الأفعال، إلا أنه تقع المسؤولية على النخب الأوروبية لكونها أوجدت مناخا لم تعد معاداة السامية تعتبر فيه غير مقبولة.
وفي أواخر ديسمبر 2003م وزع كراس له طابع توجيهي وتحذيري على مائتين من الحاخامات وزعماء الجاليات اليهودية في العالم بمؤتمر لليهود الأرثوذكس عقد في القدس. ويحذر الكراس اليهود من التعامل مع المسلمين، ويهدف حسب قول رئيس مركز الخدمات الروحية في الشتات الحاخام يحيئيل فيسرمان إلى إثارة الوعي حول موضوعي اللاسامية والإرهاب. كما يحذر الكراس وفق ما أوردته صحيفتا هآرتس ومعاريف الإسرائيليتان من أن أوروبا تتحول إلى قارة مسلمة، ويتزايد النفوذ الإسلامي حتى في الولايات المتحدة الأمريكية، ويحاول المسلمون المتطرفون الاستيطان في بلاد الغرب المسيحية من اجل تحويلها إلى دول إسلامية. وما لم يفلح المسلمون بتحقيقه في أسبانيا مطلع القرون الوسطى، وما لم يفلح العثمانيون في تحقيقه مطلع العصر الحديث، ينجح في تحقيقه المهاجرون المسلمون اليوم من دون معركة. وأن ما بدأ قبل أربعين عاما كهجرة بريئة لعاطلين عن العمل من البلاد الإسلامية تحول إلى جهد احتلالي من اجل تغيير وجه العالم الغربي والتاريخ. ويطالب الكراس بعدم إجراء حوارات مع الزعامات الإسلامية في الدول الغربية لأنه بحسب الإسلام كما يقولون فان الله لم يمنح أبدا أرض إسرائيل لليهود وأنها لم تخضع لسيطرتهم، وأن الهيكل لم يكن أبدا في الحرم القدسي وحائط المبكى ليس احد بقاياه. واعتبر الكراس أن التحاور على أساس ديني سيزيد الاغتراب والكراهية وسينزلق فوراً إلى النزاع السياسي على أرض إسرائيل. ويدعوا إلى توعية اليهود بضرورة الامتناع عن إقامة أي صلات مع شبان مسلمين من ذوي التعليم الغربي الذين يعيشون في أوروبا، لان الكثيرين منهم ولدوا من جديد كمسلمين متطرفين.
هذه الحقائق في غاية الحساسية، وتكشف عن نزعة تصادمية، وأن الوجود الإسلامي في أوروبا بات في دائرة الاستهداف والتآمر اليهودي. وبدأت الجماعات اليهودية تربط مستقبلها في أوروبا بحركة الوجود الإسلامي هناك، الأمر الذي يهدد مستقبل هذا الوجود1.

  • 1. الموقع الرسمي للأستاذ زكي الميلاد و نقلا عن صحيفة عكاظ، العدد 13675.