انّ الإمام الحسين (عليه السّلام) بالرغم من معارضته الشديدة لحكم معاوية بن أبي سفيان رفض التحرّك لخلع معاوية؛ التزاماً منه بالعهد الذي وقّعه أخوه الإمام الحسن (عليه السّلام) مع معاوية.
أتفق المؤرخون على أن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ريحانته، و سيد شباب أهل الجنة، و رابع أصحاب الكساء (عليهم السَّلام) قُتل شيهيداً بالسم، و إن جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي زوجته هي التي قتلته بالسم.
وهنا نجد أنّ أمير المؤمنين عليّاً (عليه السلام) ومن خلال كلامه في هذه الرسالة قد اعتمد الأُسلوب الثالث مع خصمه اللدود، وهو الأُسلوب الجدلي; حيث احتجّ على معاوية بنفس منطقه ومعتقده، فقال له: إنّ الذين بايعوا الخلفاء الثلاثة ـ الذين تدّعي إيمانك بخلافتهم ـ هم أنفسهم الذين بايعوني، فلِمَ تقبل بيعة هؤلاء الناس للخلفاء الثلاثة وتمتنع عن قبول بيعتهم لي؟
إن معاوية قد حارب إمامه، وقُتِلَ في تلك الحرب ـ كما قالوا ـ سبعون ألفاً . . ومن بينهم من قال فيه رسول الله «صلى الله عليه وآله »: تقتلك الفئة الباغية، وهو عمار بن ياسر الذي كان مع علي «عليه السلام». وقَتَلَ معاوية أيضاً الصحابي الجليل حجر بن عدي ومن معه صبراً، ودس السم للإمام الحسن «عليه السلام» .. وجاء بالجيوش الجرارة لحربه «عليه السلام»، إلى غير ذلك من العظائم والجرائم التي لا يقرها عقل، ولا يرضاها دين ولا وجدان.
القسوط في اللغة: الميل و الانحراف عن الحق، بخلاف الاقساط الذي هو العدل.
و القاسطون جمع قاسط، و القاسط هو المنحرف عن الحق، و منه قول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ﴾
أمر معاوية بلعن أمير المؤمنين عليه السلام و قتل شيعته و قتل من يروي شيئا من فضائله. فعن سليم بن قيس قال: قَدُم معاوية بن أبي سفيان حاجا في خلافته فاستقبله أهل المدينة، فنظر فإذا الذين استقبلوه ما فيهم أحد من قريش، فلما نزل قال: ما فعلت الأنصار و ما بالها لم تستقبلني؟ فقيل له: إنهم محتاجون ليس لهم دواب.
إن معاوية مر بحلقة من قريش فلما رأوه قاموا غير عبد الله بن عباس.
فقال له: يا ابن عباس ما منعك من القيام كما قام أصحابك إلا لموجودة أني قاتلتكم بصفين فلا تجد من ذلك يا ابن عباس، فإن ابن عمي عثمان قد قتل مظلوما. قال ابن عباس: فعمر بن الخطاب قد قتل مظلوما! قال: إن عمر قتله كافر. قال ابن عباس: فمن قتل عثمان؟
كتب معاوية إلى جميع عماله في جميع الأمصار أن لا تجيزوا لأحد من شيعة علي و أهل بيته شهادة، و انظروا قِبَلَكم من شيعة عثمان و محبيه و محبي أهل بيته و أهل ولايته و الذين يروون فضله و مناقبه فأدنوا مجالسهم و قربوهم و أكرموهم و اكتبوا بمن يروي من مناقبه و اسم أبيه و قبيلته، ففعلوا حتى كثرت الرواية في عثمان و افتعلوها لما كان يبعث إليهم من الصلات و الخلع و القطائع من العرب و الموالي، و كثر ذلك في كل مصر و تنافسوا في الأموال و الدنيا، فليس أحد يجيء من مصر من الأمصار فيروي في عثمان منقبة أو فضيلة إلا كتب اسمه و أجيز فلبثوا بذلك ما شاء الله.