الأعمال العامة التي تؤدى في جميع الشهر ولاتخص أياماً معينة منه وهي أُمور : الأول : أن يدعو في كل يوم من رجب بهذا الدعاء الذي روي أنّ الإمام زين العابدين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ دعا به في الحِجْر في غُرّة رَجَبْ : يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السَّائِلِينَ وَيَعْلَمُ ضَمِيرَ الصَّامِتِينَ لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْكَ سَمْعٌ حاضِرٌ وَجَوابٌ عَتِيدٌ...
اعلم أنّ أول ليلة من ليالي الجمعة من رجب تسمى ليلة الرغائب وفيها عمل مأثور عن النبي صلىاللهعليهوآله ذو فضل كثير ، ورواه السيد في الاقبال والعلامة المجلسي في إجازة بني زهرة. ومن فضله ان يُغفر لمن صلاّها ذنوب كثيرة.
إعلم أنّ هذا الشهر وشهر شعبان وشهر رمضان هي أشهر متناهية الشرف ، والأحاديث في فضلها كثيرة ، بل رُوي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : إنّ رجب شهر الله العظيم لايقاربه شهر من الشهور حرمة وفضلاً ، والقتال مع الكفار فيه حرام ، ألا إنّ رجب شهر اللهُ ، وشعبان شهري ، ورمضان شهر أمتي. ألا فمن صام من رجب يوما استوجب رضوان الله الأكبر ، وابتعد عنه غضب الله وأُغلق عنه باب من أبواب النار.
اليوم الأول من رجب وهو يوم شريف وفيه أعمال : الأول : الصيام ، وقد روى أنّ نوحا عليهالسلام كان قد ركب سفينته في هذا اليوم فأمر من معه ان يصوموه. ومن صام هذا اليوم تباعدت عنه النار مسير سنة. الثاني : الغسل.
قال الشيخ في (المصباح) والسيد في (جمال الأسبوع) في ضمن أعمال يوم الجمعة : إعلم أنّه يستحب في يوم الجمعة زيارة النبي صلىاللهعليهوآله والأئمة عليهمالسلام.
وروي عن الصادق عليهالسلام أن من أراد أن يزور قبر رسول الله وقبر أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وقبور الحجج عليهمالسلام وهو في بلدة فليغتسل في يوم الجمعة وليلبس ثوبين نظيفين وليخرج إلى الفلاة من الأَرض. وعلى رواية أخرى : وليصعد سطحا ثم يصلّي أربع ركعات يقرأ فيهن ماتيسّر من السّور.
قال العلامة المجلسي في أعمال عيد الميلاد ، وهو اليوم السابع عشر من ربيع الأول : قال الشيخ المفيد والشهيد والسيّد ابن طاووس رحمهمالله : إذا أردت زيارة النبي صلىاللهعليهوآله في ما عدا المدينة الطيبة من البلاد فاغتسل ومثل بين يديك شبه القبر واكتب عليه اسمه الشريف ثم قف وتوجه بقلبك إليه وقل : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّهُ سَيِّدُ الآوَّلِينَ وَالآخِرينَ وَأَنَّهُ سَيِّدُ الأَنْبِياءِ وَالمُرْسَلِينَ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الأَئِمَّةِ الطَيِّبِينَ. ثم قل :
روى الشهيد والمفيد والسيد ابن طاووس أن الصادق عليهالسلام زار أمير المؤمنين صلوات الله عليه في اليوم السابع عشر من ربيع الأول بهذه الزيارة. وقال المجلسي رحمهالله : إن هذه الزيارة هي أحسن الزيارات وهي مروية بالأسناد المعتبرة في الكتب المعتبرة وظاهر بعض رواياتها أنها لاتخص هذا اليوم فمن المستحسن زيارته عليهالسلام بهذه الزيارة في جميع الأوقات.
اليوم السابع عشر من شهر ربيع الأول، ميلاد خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله صلىاللهعليهوآله على المشهور بين الإمامية والمعروف أن ولادته كانت في مكة المعظمة في بيته عند طلوع الفجر من يوم الجمعة في عام الفيل في عهد أنوشروان العادل. وفي هذا اليوم الشريف أيضاً في سنة ثلاث وثمانين ولد الإمام جعفر الصادق عليهالسلام فزاده فضلاً وشرفاً 1.
والخلاصة أن هذا اليوم يوم شريف جداً وفيه عدة أعمال :
في الليلة الأولى من شهر ربيع الأول في السنة الثالثة عشرة من البعثة هاجر النبي صلىاللهعليهوآله من مكة إلى المدينة المنورة فاختبأ هذه الليلة في غار ثور وفاداه أمير المؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ بنفسه فنام في فراشه غير مجانب سيوف قبائل المشركين وأظهر بذلك على العالمين فضله ومواساته وإخاءه النبي صلىاللهعليهوآله فنزلت فيه الآية : ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ... ﴾12.
علم أن هذا الشهر معروف بالنحوسة ولا شي أجدى لرفع النحوسة من الصدقة والأدعية الاستعاذات المأثورة. من أراد أن يصان مما ينزل في هذا الشهر من البَلاءِ فليقل كل يوم عشر مرّات كما روى المحدث الفيض وغيره :
يا شَدِيدُ القُوى وَياشَدِيدَ المِحالِ يا عَزِيزُ يا عَزِيزُ يا عَزِيزُ ذَلَّتْ بِعَظَمَتِكَ جَمِيعُ خَلْقِكَ ، فَاكْفِنِي شَرَّ خَلْقِكَ يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ يا مُنْعِمُ يا مُفَضِّلُ يا لا إلهَ إِلاّ أَنْتَ ، سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَيْناهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي المُؤْمِنِينَ وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَيِّبِينَ الطَّاهِرينَ.
أن ما يروى في فضل يوم عاشوراء من الأحاديث مجعولة مفتراة على رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد بسط القول مؤلف كتاب (شفاء الصدور) عند شرح هذه الفقرة من زيارة عاشوراء : اللّهُمَّ إِنَّ هذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو اُمَيَّةَ. وملخص ما قال : إن بني أُمية كانت تتبرك بهذا اليوم بصور عديدة
ينبغي للشيعة أن يمسكوا فيه عن السعي في حوائج دنياهم وأن لايدخروا فيه شَيْئاً لمنازلهم وأن يتفرغوا فيه للبكاء والنياح وذكر المصائب وأن يقيموا مآتم الحسين عليهالسلام كما يقيمونه لاعزِّ أولادهم وأقاربهم وأن يزوروه بزيارة عاشوراء وأن يجتهدوا في سب قاتليه ولعنهم وليعزّ بعضهم بعضا قائلا : أَعْظَمَ الله اُجُورَنا بِمُصابِنا بِالحُسَيْنِ عليهالسلام وَجَعَلَنا وَإِيَّاكُمْ مِنْ الطَّالِبِينَ بِثارِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الإمام المَهْدِيّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عليهمالسلام.
ينبغي للشيعة الامساك عن الطعام والشراب في يوم عاشوراء، من دون نية الصيام وأن يفطروا في آخر النهار بعد العصر بما يقتات به أهل المصائب كاللبن الخاثر والحليب ونظائرهما لا بالأغذية اللذيذة وأن يلبسوا ثياباً نظيفة ويحلوا الازرار ويكشطوا الاكمام على هيئة أصحاب العزاء.
إعلم أن هذا الشهر هو شهر حزن أهل البيت عليهمالسلام وشيعتهم. وعن الرضا عليهالسلام قال : كان أبي صلوات الله عليه إذا دخل شهر المحرم لم يُر ضاحكا وكانت كآبته تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام ، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول : هذا اليوم الذي قتل فيه الحسين عليهالسلام.
يوم الختام للسنة العربية ، ذكر السيد في الاقبال طبقا لبعض الروايات أنّه يصلى فيه ركعتان بفاتحة الكتاب وعشر مرات سورة ﴿ ... قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾1 وعشر مرات آية الكرسي ثم يدعى بعد الصلاة بهذا الدعاء :
اليوم الرابع والعشرون من شهر ذي الحجة هو يوم المباهلة على الأشهر باهل فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله نصارى نجران وقد اكتسى بعبائة وأدخل معه تحت الكساء عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهالسلام وقال : اللهم إنه قد كان لكل نبي من الأنبياء أهل بيت هم أخص الخلق إليه اللهم وهؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فهبط جبرائيل بآية التطهير في شأنهم ثم خرج النبي صلىاللهعليهوآله بهم عليهمالسلام للمباهلة فلما ابصرهم النصارى ورأوا منهم الصدق وشاهدوا إمارات العذاب لم يجرأوا على المباهلة فطلبوا المصالحة وقبلوا الجزية عليهم.
وهو عيد الله الأكبر وعيد آل محمد عليهمالسلام ، وهو أعظم الأعياد ما بعث الله تعالى نبيا إِلاّ وهو يعيد هذا اليوم ويحفظ حرمته ، واسم هذا اليوم في السماء يوم العهد المعهود ، واسمه في الأَرْض يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود 1 . وروي أنه سئل الصادق عليهالسلام : هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال : نعم أعظمها حرمة. قال الراوي : وأيُّ عيد هو؟ قال : اليوم الذي نصب فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله أمير المؤمنين عليهالسلام وقال ومن كنت مولاه فعلي مولاه ، وهو يوم الثامن عشر من ذي الحجة.
1. الاقبال 2 / 282 فصل 15 من باب 5 عن الصادق عليهالسلام.