تميزت سيرة النبي الأعظم محمد بن عبدالله الأخلاقية بأنها كانت من أروع ما عرفته البشرية في تاريخها الطويل من تجسيد عملي لمكارم الأخلاق وفضائلها، فلم يكن رسول الإسلام يُنَظِّرُ للقيم الأخلاقية فحسب، وإنما كانت حياته كلها تجسيداً عملياً للمثل والقيم والمبادئ الأخلاقية الراقية.
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴾1. عندما نريد أن نتكلم عن رسول الله وخاتم الأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فإننا نتكلم عن الإنسانية الكاملة بكل ما ترمز إليه من معاني الحق والخير والفضيلة التي تجسدت في شخص النبي الأعظم.
سعة الصدر وانشراح القلب من صفات الإنسان المؤمن، وهي صفة لازمة لتحقيق النجاح في الحياة العائلية والإدارة الوظيفية والاجتماعية والتطوعية وغيرها، وتبدو هذه الصفة الأخلاقية أكثر أهمية في شخصية القائد أو الإداري أو الشخصية الاجتماعية التي تتعامل مع مختلف شرائح المجتمع.
مما لا شك فيه أن مناسبة وفاة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم تثير في النفس المؤمنة الكثير من العوامل الكامنة وتحرك العواطف والمشاعر الجياشة تجاه الشخصية الإنسانية الراقية لرسول الرحمة الذي خاطبه الله عز وجل بقوله: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾1
مَاتَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله فِي جَنَازَتِهِ يَمْشِي.
رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنهُ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله أَوَّلُ مَا يُفْطِرُ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الرُّطَبِ الرُّطَبُ، وَ فِي زَمَنِ التَّمْرِ التَّمْرُ" 1.