لا نهاية لحقد الطغاة على الأحرار حتى بعد شهادتهم !

 

عمدوا الى قتل زيد 1 الذي هو من أعلام الأسرة النبوية ، و لم يكتفوا بقتله ، و انما نبشوا قبره و صلبوه على الجذع ، و لم يسمحوا بمواراته لإظهار التشفي الآثم باهل البيت عليهم السلام و قد خالفوا بذلك ما أمر به النبي صلى الله عليه و آله من المودة لأهل بيته ، كما خالفوا ما أمر به الاسلام من احترام الاموات و تحريم المثلة بهم .

و بقي جثمان زيد مرفوعا على أعواد المشانق ، و هو يضيء للناس طريق الحرية و الكرامة ، و يدفعهم الى التمرد على الذل و الخنوع ، و يبعث في نفوسهم روح الثورة على الظلم و الجور ، و قد وضعت عليه السلطة الحرس ، و عددهم اربعمائة ، و جعلت الرقابة في كل ليلة لمائة رجل ، و بنيت للحرس حول الجذع بناية خوفا من أن يختلس الجثمان العظيم ، و يوارى في التراب .

و لما هلك الطاغية هشام ، و ولي الحكم من بعده الوليد بن يزيد فاجر بني أمية كتب الى حاكم الكوفة يوسف بن عمر كتابا يأمره بأن ينزل الجثمان المقدس من الخشبة و يحرقه بالنار ، و قام السفاك بتنفيذ ما عهد إليه ، فأحرق الجسد الطاهر الذي ثار ليطهر الارض من الظالمين و يعيد للإنسان كرامته ، و حقه في الحياة .

و بعد ما أحرق الجثمان العظيم عمد الباغي يوسف بن عمر فذره في الفرات و هو يقول « والله يا أهل الكوفة لأدعنكم تأكلونه في طعامكم ، و تشربونه في مائكم .. » 2 .


  • 1. زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، ويلقب بزيد الشهيد ، هو ابن الإمام زين العابدين عليه السلام ومن أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام ، ثار بوجه هشام بن عبد الملك ، وخرج إلى الكوفة إبّان إمارة يوسف بن عمر، فلما دخل الكوفة اجتمع اليه أهلها و بايعوه على الحرب ، ثم نقضوا بيعته وتركوه في المعركة فقتل وصُلب .
  • 2. المصدر: كتاب حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل للعلامة الشيخ باقر شريف القرشي رحمه الله.