حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
عثمان الخميس يتمسك بروايات موضوعة في مقابل حديث الثقلين! 1
نص الشبهة:
الحديث المزعوم: (تركت فيكم كتاب الله وسنتي).
قال الشيخ الخميس: (هذا الحديث مثل قول النبي (ص): تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبداً: كتاب الله وسنتي). وأشار في الهامش إلى مصدر هذه الرواية وهو: مستدرك الحاكم 1 / 93 (حقبة من التاريخ: 204.).
الجواب:
أن هذه الرواية موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وآله حيث لم ترد بسند صحيح، بل هي من مختلقات السياسة المعادية لأهل البيت عليهم السلام وقد أغنانا العلامة السني الشيخ حسن بن علي السقاف عن البحث في أسانيدها وبيان ضعفها ووضعها حيث قال في كتابه "صحيح صفة صلاة النبي":
(سئلت عن حديث: تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله و... هل الحديث لفظ: وعترتي أهل بيتي، أو بلفظ سنتي، نرجو توضيح ذلك من جهة الحديث وسنده؟
الجواب: الحديث الثابت الصحيح هو بلفظ (وأهل بيتي) والرواية التي فيها لفظ (سنتي) باطلة من ناحية السند والمتن، ونوضح هنا إن شاء الله تعالى قضية السند لأن السؤال وقع بها فنقول:
روى الحديث مسلم في صحيحه: 4 / 1873 برقم: 2408 طبعة عبد الباقي عن سيدنا زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: (قام رسول الله (ص) يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خمّاً بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد: ألا أيها الناس، فإني أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي) هذا لفظ مسلم، ورواه أيضاً بهذا اللفظ الدارمي في سننه: 2/431 – 432 بإسناد صحيح كالشمس وغيرهما.
وفي رواية الترمذي وقع بلفظ (وعترتي أهل بيتي) ففي سنن الترمذي: 5 / 663 برقم: 3788 قال رسول الله (ص): إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. وهو صحيح.
أما لفظ (وسنتي) فلا شك بأنه موضوع لضعف سنده ووهائه، ولعوامل أمويّة أثرت في ذلك، وإليك إسناده ومتنه:
روى الحاكم في المستدرك 1 / 93 الحديث بإسناده من طريق ابن أبي أويس عن أبيه عن ثور بن يزيد الديلي عن عكرمة عن ابن عباس وفيه: (أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه (ص)...).
وأقول: في سنده ابن أبي أويس وابوه، قال الحافظ المزي في تهذيب الكمال 3/127 في ترجمة الابن – ابن أبي أويس – وأنقل قول من جرحه، قال معاوية بن صالح عن يحيى – بن معين – أبو أويس وابنه ضعيفان، وعن يحيى بن معين أيضاً: ابن أبي أويس وأبوه يسرقان الحديث، وعن يحيى أيضاً: مخلط يكذب ليس بشيء، وقال أبو حاتم: محله الصدق وكان مغفلاً، وقال النسائي: ضعيف، وقال النسائي في موضع آخر: ليس بثقة، وقال أبو القاسم اللالكائي: بالغ النسائي في الكلام عليه إلى أن يؤدي إلى تركه... وقال أبو أحمد بن عدي: (وابن أبي أويس هذا روى عن خاله مالك أحاديث غرائب لا يتابعه أحد عليه...).
قلت: قال الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري ص 391 دار المعرفة، عن ابن أبي أويس هذا: (وعلى هذا لا يحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره...).
وقال الحافظ السيد أحمد بن الصديق في فتح الملك العلي ص 15: (وقال سلمة بن شبيب: سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم)!.
فالرجل متهم بالوضع وقد رماه ابن معين بالكذب، وحديثه الذي فيه لفظ (وسنتي) ليس في واحد من الصحيحين.
أما أبوه فقال أبو حاتم الرازي كما في كتاب الجرح والتعديل (92):
(يكتب حديثه ولا يحتج به وليس بالقوي)، ونقل في المصدر نفسه ابن أبي حاتم عن ابن معين أنه قال فيه: (ليس بثقة).
قلت: وسندٌ فيه مثل هذين اللذين قدمنا الكلام عليهما لا يصح حتى يلج الجمل في سمّ الخياط، لا سيما وما جاءا به مخالف للثابت في الصحيح فتأمل جيداً هداك الله تعالى.
وقد اعترف الحاكم بضعف الحديث فلذلك لم يصححه في المستدرك وإنما جلب له شاهداً لكنه واهٍ ساقط الإسناد فازداد الحديث ضعفاً إلى ضعفه، وتحققنا أن ابن أبي أويس أو أباه قد سرق واحد منهما حديث ذلك الواهي الذي سنذكره ورواه من عند نفسه، وقد نص ابن معين وهو من هو على أنهما كانا يسرقان الحديث.
فروى الحاكم: 1/93 ذلك حيث قال: (وقد وجدت له شاهداً من حديث أبي هريرة). ثم روى بسنده من طريق الضبي، ثنا صالح بن موسى الطلحي، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً: (إني تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض).
قلت: هذا موضوع أيضاً، وأقتصر الكلام هنا على رجل واحد في السند وهو صالح بن موسى الطلحي، وإليك كلام أئمة أهل الحديث من كبار الحفاظ الذين طعنوا فيه من تهذيب الكمال 13/96: قال يحيى بن معنين: ليس بشيء، وقال أبو حاتم الرازي: ضعيف الحديث، منكر الحديث جداً، كثير المناكير عن الثقات، وقال النسائي: لا يكتب حديثه، وقال في موضع آخر: متروك الحديث.
وفي تهذيب التهذيب: 4 / 355 للحافظ ابن حجر: (قال ابن حبان: كان يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات حتى يشهد المستمع لها أنها معمولة أو مقلوبة لا يجوز الاحتجاج به، وقال أبو نعيم: متروك الحديث يروي المناكير.
قلت: وقد حكم عليه الحافظ في التقريب بأنه متروك (ترجمة 2891) والذهبي في الكاشف: 2412 بأنه (واهٍ)، وأورد الذهبي في الميزان: 2 / 302 حديثه هذا في ترجمته على أنه من منكراته.
وقد ذكر مالك هذا الحديث في المطأ 899 برقم: 3 بلاغاً بلا سند، ولا قيمة لذلك بعد أن بينا وهاء إسناده.
وقد ذكر الحافظ ابن عبد البر في التمهيد: (25 / 331) سنداً ثالثاً لهذا الحديث الواهي الموضوع فقال: (وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال: حدثنا أحمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الديبلي قال: حدثنا علي بن زيد الفرائضي، قال: حدثنا الحنيني، عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده به).
قلت: نقتصر على علة واحدة فيه وهي أن كثير بن عبد الله هذا الذي في إسناده قال عنه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: أحد أركان الكذب، وقال عنه أبو داود: كان أحد الكذابين1، وقال ابن حبان: روى عن أبيه عن جده نسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب2، وقال النسائي والدار قطني: متروك الحديث، وقال الإمام أحمد: منكر الحديث ليس بشيء، وقال يحيى بن معين: ليس بشيء.
قلت: وقد أخطأ الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في التقريب عندما اقتصر على قوله فيه ضعيف ثم قال: (وقد أفرط من رماه بالكذب).
قلت: كلا لم يفرط بل هو واقع حاله كما ترى من كلام الأئمة فيه، لا سيما وقد قال عنه الذهبي في الكاشف (واهٍ) وهو كذلك، وحديثه موضوع فلا يصلح للمتابعة ولا للشواهد بل يضرب عليه والله الموفق.
وقول المتناقض (الألباني) في ضعيفته 4 / 361: (بأن حديث الصحيح الثابت بلفظ (عترتي أهل بيتي) يشهد لحديث (سنتي) مما تضحك منه الثكلى!! والله الهادي) 3.
كما قال السقاف في صحيح شرح العقيدة الطحاوية، هامش الصفحة 654: (وأما حديث: تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي، الذي يردده الناس فيما بينهم ويقوله الخطباء على المنابر، فحديث موضوع مكذوب وضعه الأمويون وأتباعهم ليصرفوا الناس عن هذا الحديث الصحيح في العترة، فانتبه لذلك جدياً! وقد ذكرت جميع طرقه وبينت ما في أسانيده من الكذابين والوضاعين في آخر كتابي صحيح صفة صلاة النبي (ص) ص 289، فارجع إليه إن شئت التوسع) انتهى.
أين المنهج العلمي في الحديث عند عثمان الخميس؟!
إنّ عثمان الخميس واضرابه ليس لهم منهج علمي يتبعونه في قبول الحديث ورده، بل الرواية إذا وافقت أهواءهم حضيت لديهم بالقبول، فأخذوا يستشهدون بها ويحتجون بها على خصومهم حتى وإن كانت رواية ضعيفة بل إن بعضهم يستميت في إثبات صحة الرواية الضعيفة، وإن كان في ذلك رمي لجميع الأسس والقواعد التي وضعها علماء أهل السنة لقبول الرواية أو رفضها، أما إذا كانت الرواية تخالف أهواءهم فإنهم يحاولون الخدش فيها سنداً وتمييعها دلالة، وإن كانت رواية صحيحة ثابتة، وواضحة الدلالة.
فانظر أيها القارىء المنصف كيف حاول عثمان الخميس أن يخدش في حديث الثقلين بلفظ (وعترتي أهل بيتي) الذي هو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله في حين استشهد واحتج بحديث موضوع مكذوب، شهد علماؤهم على أن في رواته كذابين على النبي صلى الله عليه وآله!! أليس هذا فعل من يتبع هواه؟
بلى، وهذا نهج شيخهم ابن تيمية الحراني في كتابه منهاج السنة وغيره حديث يرد العديد من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله بينما يحتج بأحاديث ضعيفة أو موضوعة4.
وفي (المستدرك على الصحيحين 3 / 143 برقم: 4652) أيضاً روى الحاكم بسنده عن عمرو بن ميمون قال: (إني جالس عند ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا يا ابن عباس إما أن تقوم معنا وإما أن تخلو بنا من بين هؤلاء، قال: فقال ابن عباس: بل أنا أقوم معكم وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى، قال: فابتدؤوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا، قال فجاء ينفض ثوبه ويقول: أف وتف، وقعوا في رجل له بضع عشر فضائل ليست لأحد غيره، وقعوا في رجل قال له النبي (ص) لأبعثن رجلاً لا يخزيه الله أبداً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فاستشرف لها من استشرف فقال: أين علي؟ فقالوا: إنه في الرحى يطحن، قال: وما كان أحدهم ليطحن، قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر، قال: فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثاً فأعطاها إياه فجاء علي بصفية بنت حيي قال ابن عباس: ثم بعث رسول الله (ص) فلاناً بسورة التوبة فبعث علياً خلفه فأخذها منه وقال: لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه، فقال ابن عباس: وقال النبي (ص) لبني عمه: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ قال: وعلي جالس معهم فقال رسول الله (ص) وأقبل على رجل منهم فقال: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة فأبوا فقال لعلي: أنت وليي في الدنيا والآخرة، قال ابن عباس: وكان علي أول من آمن من الناس بعد خديجة رضي الله عنها، قال: وأخذ رسول الله (ص) ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين وقال: ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 5، قال ابن عباس: وشرى علي نفسه فلبس ثوب النبي (ص) ثم نام في مكانه، قال ابن عباس وكان المشركون يرمون رسول الله (ص) فجاء أبو بكر (رض) وعلي نائم، قال: وأبو بكر يحسب أنه رسول الله (ص) قال: فقال: يا نبي الله فقال له علي: إن نبي الله (ص) قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه، قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار، قال: وجعل علي (رض) يرمى بالحجارة كما رمي نبي الله (ص) وهو يتضور وقد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ثم كشف عن رأسه فقالوا إنك للئيم وكان صاحبك لا يتضور ونحن نرميه وأنت تتضور وقد استنكرنا ذلك، فقال ابن عباس وخرج رسول الله (ص) في غزوة تبوك وخرج بالناس معه قال: فقال له علي: أحرج معك، قال: فقال له النبي (ص) لا فبكى علي، فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه ليس بعدي نبي، إنه لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي، قال ابن عباس: وقال له (ص): أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة، قال ابن عباس: وسد رسول الله (ص) أبواب المسجد غير باب علي فكان يدخل المسجد جنباً وهو طريقه ليس له طريق غيره، قال ابن عباس: وقال رسول الله (ص): من كنت مولاه فإن مولاه علي... الخبر) وقال الحاكم بعد أن روى هذا الحديث: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة))، وقال الذهبي في التلخيص: ((صحيح))، وبهذا النص رواه النسائي في كتاب (خصائص الإمام علي 44) وقال عنه محقق الخصائص أبو اسحاق الحويني الأثري: (إسناده حسن).
وفي (مجمع الزوائد للهيثمي 9 / 119) قال: (وعن عبد الله بن الرقيم الكناني قال: خرجنا إلى المدينة زمن الجمل فلقينا سعد بن مالك بها فقال أمر رسول الله (ص) بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي، رواه أحمد وابو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط وزاد قالوا يا رسول الله سددت أبوابنا كلها إلاّ باب علي، قال: ما أنا سددت أبوابكم ولكن الله سدها) ثم قال الهيثمي عن هذا الحديث: ((وإسناد أحمد حسن)).
وفي (فتح الباري 7/14) قال ابن حجر العسقلاني: (... منها حديث سعد بن أبي وقاص قال: أمرنا رسول الله (ص) بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي، أخرجه أحمد والنسائي وإسناده قوي، وفي رواية الطبراني في الأوسط رجالها ثقات، من الزيادة فقالوا يا رسول الله سددت أبوابنا فقال: ما أنا سددتها ولكن الله سدّها، وعن زيد بن أرقم قال: كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة في المسجد فقال رسول الله (ص): سدوا هذه الأبواب إلاّ باب علي، فتكلم ناس في ذلك، فقال رسول الله (ص): إني والله ما سددت شيئاً ولا فتحته ولكن أمرت بشيء فاتبعته، أخرجه أحمد والنسائي والحاكم ورجاله ثقات، وعن ابن عباس قال: أمر رسول الله (ص) بأبواب المسجد فسدت إلا باب علي، وفي رواية وأمر بسد الأبواب غير باب علي فكان يدخل المسجد وهو جنب ليس له طريق غيره، أخرجهما أحمد والنسائي ورجالهما ثقات، وعن جابر بن سمرة قال: أمرنا رسول الله (ص) بسد الأبواب كلها غير باب علي فربما مر فيه وهو جنب، أخرجه الطبراني، وعن ابن عمر قال: كنا نقول في زمن رسول الله (ص) رسول الله (ص) خير الناس ثم ابو بكر ثم عمر ولقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم زوجه رسول الله (ص) ابنته وولدت له وسد الأبواب إلاّ بابه في المسجد وأعطاه الراية يوم خيبر، أخرجه أحمد وإسناده حسن، وأخرج النسائي من طريق العلاء بن عرار بمهملات قال: فقلت لابن عمر أخبرني عن علي وعثمان فذكر الحديث وفيه وأما علي فلا تسأل عنه أحداً وانظر إلى منزلته من رسول الله (ص) قد سد ابوابنا في المسجد وأقرّ بابه ورجاله رجال الصحيح إلاّ العلاء وقد وثقه يحيى بن معين وغيره، وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضاً وكل طريق منها صالح للاحتجاج فضلاً عن مجموعها).
وفي كتاب (تحفة الأحوذي 10 / 122) قال: (أخرج أحمد والنسائي بإسناد قوي عن سعد بن أبي وقاص قال: أمرنا رسول الله (ص) بسدّ الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي، وقد ورد في الأمر بسد الأبواب إلا باب علي أحاديث أخرى ذكرها الحافظ في الفتح وقال بعد ذكرها: وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضاً وكل طريق منها صالح للاحتجاج فضلاً عن مجموعها).
من تناقضات عثمان الخميس!
إن عثمان الخميس سبق له أن ادّعى أن النبي صلى الله عليه وآله لم يأمر بالتمسك إلاّ بالكتاب العزيز فقط، وجاء هنا ليستشهد برواية (كتاب الله وسنتي) التي ظاهرها الأمر بالتمسك بالكتاب والسنة، وعليه فإما أن يلتزم بدعواه السابقة أو يلتزم باستشهاده بهذه الرواية، فإن التزم بتلك الدعوى وأن الأمر بالتمسك مخصوص بالقرآن الكريم فقد أبطل استشهاده بهذه الرواية، وإن التزم بهذه الرواية بطلت دعواه السابقة.
قال ابن حجر في أجوبته على أحاديث مصابيح السنة للبغوي الملحق بكتاب مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي (2 / 554): (وقد ورد من طرق كثيرة صحيحة أن النبي (ص) لما أمر بسد الأبواب الشارعة في المسجد إلاّ باب علي فشق ذلك على بعض الصحابة فأجابهم بعذره في ذلك).
وعليه فكيف ساغ لابن تيمية أن يحكم أولاً: على هذا الحديث الذي روي بأسانيد مختلفة منها قوي وصحيح ومنها حسن بالوضع؟ وثانياً: كيف ساغ له الافتراء على الشيعة واتهامهم بوضع هذا الحديث؟!!!.
ومع أنه يكذب الأحاديث النبوية الصحيحة ويفتري على الآخرين ويرميهم باختلاقها نجده يرسل بعض الأخبار إرسال المسلمات حتى ولو كان اسنادها ضعيفاً، فنجده مثلاً يستشهد بكلام منسوب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أورده في منهاج السنة (6 / 138) أن علياً قال: (... لا أوتي بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلاّ جلدته حد المفتري) وهذه الرواية لم ترد بسند صحيح قط بل هي من المكذوبات على علي عليه السلام.
لو صح الحديث المزعوم فلا دليل فيه لعثمان الخميس!
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله عندما يأمر المسلمين بالتمسك بعترته مع الكتاب العزيز فهو إنما يريد أن تؤخذ سنته صلى الله عليه وآله من طريق آمن وهو طريق أهل البيت عليهم السلام، لأنه الطريق الوحيد الذي يطمئن به على وصول السنة إلى الآخرين بدون تغيير أو تحريف لمكان عصمة العترة الطاهرة عليهم السلام.
فلو صحّ عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: (عليكم بكتاب الله وسنتي) فمن أين تؤخذ سنته إلا من العترة الذين جعلهم أمانته ووصيته في الأمة إلى جنب القرآن6؟!
- 1. قول الإمام الشافعي وأبي داود في (تهذيب التهذيب) (377 دار الفكر) و (تهذيب الكمال) (24 / 138) (السقاف).
- 2. انظر المجروحين (2/221) للحافظ ابن حبان (السقاف).
- 3. صحيح صفة صلاة النبي 289-293.
- 4. فمثلاً لقد أنكر ابن تيمية حديث النبي صلى الله عليه وآله القائل: (وسدوا الأبواب إلاّ باب علي) حيث قال في كتابه (منهاج السنة 3/13) وهو يرد على ابن المطهر الحلي عليه الرحمة: ((... وكذلك قوله: (وسدّوا الأبواب إلاّ باب علي) فإن هذا مما وضعته الشيعة على طريق المقابلة)) مع أن هذا الحديث مروي في مصادر أهل السنة وبطرق بعضها صحيح وقوي وآخر حسن ففي (المستدرك على الصحيحين 3 / 135 برقم: 4631) روى الحاكم بسنده عن زيد بن أرقم قال: (كانت لنفر من اصحاب رسول الله (ص) أبواب شارعة في المسجد فقال يوماً سدوا هذه الأبواب إلاّ باب علي، قال فتكلم في ذلك ناس فقام رسول الله (ص) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي، قال فيه قائلكم، والله ما سددت شيئاً ولا فتحته ولكن أمرت بشيء فاتبعته) قال الحاكم النيسابوري بعد أن روى هذا الحديث ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم سخرجاه)). وقال الذهبي في التلخيص: ((صحيح)).
- 5. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 33، الصفحة: 422.
- 6. نقلا عن كتاب الرد النفيس على أباطيل عثمان الخميس، تأليف الشيخ حسن عبد الله العجمي.