حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
اموال خديجة وسيف علي
نص الشبهة:
هنا سؤال مفاده: إن من المعروف أن الإسلام قد قام بسيف أمير المؤمنين (عليه السلام)، الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله):
لا فتى إلا علي *** لا سيف إلا ذو الفقار
وبأموال خديجة رحمها الله تعالى، التي أنفقتها في سبيل الله سبحانه فما معنى هذا الكلام وما الذي يرمي إليه؟! فهل معنى ذلك: أن خديجة كانت ترشو الناس من أجل أن يدخلوا في الإسلام؟ وهل يمكن العثور على مورد واحد من هذا القبيل في التاريخ؟! لعلك تقول: إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يتألف كثيرين على الإسلام، فيعطيهم الأموال ترغيباً لهم في ذلك. وقضية غنائم حنين أوضح دليل على ذلك، ولا يجهل أحد سهم المؤلفة قلوبهم في الإسلام.
الجواب:
أن هذا الذي ذكر ليس معناه أنهم كانوا يأخذون الرشوة على الإسلام، وإنما يريد الإسلام لهؤلاء أن يعيشوا في الأجواء الإسلامية، ويتفاعلوا معها، وينظروا لها نظرة سليمة، ومن دون وجود أية حواجز نفسية، أو سياسية، أو اجتماعية فكان هذا المال المعطى لهم يساعد على التغلب على تلك الحواجز الوهمية في أكثرها، ويجعلهم يعيشون في الأجواء والمناخات الإسلامية، ويتعرفون على خصائص الإسلام وأهدافه.
ولتحصل لهم من ثم القناعات الوجدانية والفكرية بأحقية الإسلام، وسمو أهدافه.
كما أن من هؤلاء من يرى: أن هذا الدين قد حرمه من المال والثروة والامتيازات التي يحبها، فلماذا لا يدبر في الخفاء ما يزيح هذا الكابوس الخانق، والمضر بمصالحه؟
فإذا أعطي المال، وأفهم أن الإسلام ليس عدواً للمال: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ... ﴾ 1 فإنه يمكن إقناعه حينئذٍ بأن هدف الإسلام ليس إلا التركيز على إنسانية الإنسان، واعتبارها المقياس الحقيقي له، لا المال، ولا القوة ولا الجمال، ولا الجاه، ولا غير ذلك، وأنه يهدف إلى تنظيم حياة هذا الإنسان في هذا الخط، ليكون سعيداً في الدنيا والآخرة على حد سواء.
وأما أموال خديجة؛ فلم تكن تعطى كرشوة على الإسلام، ولا كانت تنفق على المؤلفة قلوبهم.
وإنما كانت تسد رمق ذلك المسلم، الذي يعاني أعظم المشاق والآلام، في سبيل إسلامه وعقيدته، هذا المسلم الذي لم تتورع قريش عن محاربته بكل ما تملكه من أسلحة لا إنسانية ولا أخلاقية، حتى بالفقر والجوع.
فكانت تلك الأموال تسد رمق من يتعرض للأخطار الكبيرة، وتخدم الإسلام عن هذا الطريق.
وهذا معنى قولهم: إن الإسلام قام بأموال خديجة.
وملاحظة لا بد منها، وهي أن أموال خديجة التي أنفقت في المقاطعة، كانت في غالبها من النوع الذي يمكن الانتفاع به في سد رمق الجائع، وكسوة العاري، وأما ما سواه؛ فلربما لم يتعرض لذلك؛ بسبب عدم القدرة على البيع والشراء في غالب الأحيان.
ونشير أخيراً، إلى أن مكة مهما عظمت الثروة فيها، فإنها لا تخرج عن كونها محدودة الإمكانات، تبعاً لموقعها، وحجمها؛ لأنها لم تكن مدينة كبيرة جداً، بل كانت بلداً كبيراً بالنسبة إلى القرية، ولذا جاء التعبير عنها في القرآن بـ (أم القرى) وثروة في بلد كهذا تبقى دائماً محدودة، تبعاً لمحدوديته، وقدراته، وإمكاناته 2.
- 1. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 32، الصفحة: 154.
- 2. الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الخامسة، 2005 م. ـ 1425 هـ.ق، الجزء الثالث.