حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
هل هذا من الغلو؟
نص الشبهة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
سؤالي حول صحة بعض الخطب والتي تنسب لأمير المؤمنين عليه السلام، خطبة البيان والخطبة التطنجية. أرجو توضيح سبب رفضها لعلمائنا الأعلام وتبيان مواضع الضعف ومعارضتها لكتاب الله. وحتى يكون جوابكم لتوضيح خطأ من استخرجوا عقائدهم من تلك الخطب.
والسؤال الثاني: هناك من يرجع الضمائر القرآنية إلى أئمتنا عليهم السلام.. مثل:﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ... ﴾ فضمير الهاء يرجع إليهم.. وكذلك:﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ فضمير الكاف يرجع إلى أمير المؤمنين عليه السلام.. فهل يصح ذلك؟ وما حكمه شرعاً؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
1 ـ بالنسبة لخطبة البيان، أقول: إنني كنت قد بحثت حول هذه الخطبة منذ سنوات، وقد نشر هذا البحث في كتاب مستقل باسم: « بيان الأئمة وخطبة البيان في الميزان ». وهو موجود على صفحة الهادي.
وبإمكانكم الاطلاع عليه..
وأما الخطبة التطنجية، فبالإضافة إلى أنني لم أجدها في كتب المتقدمين، وليس لها سند ليمكن النظر فيه، فإن ملاحظة ما جاء فيها يعطي: إنها تقترب في مضامينها من خطبة البيان أيضاً، فما ذكرناه في تلك يفترض أن يكون مغنياً عن بسط الكلام في هذه..
وأما فيما يرتبط بالذين يستخرجون عقائدهم من هذه وتلك، فهؤلاء إنما يتبعون المتشابهات، مع أنه لا بد من اتباع المحكمات في الأمور العقائدية، من أجل تحصيل اليقين، والأمن من الأخطار، فكيف يصح الاعتماد على خطبة ليس لها سند أصلاً، وفيها الكثير من الضعف في التراكيب، والأخطاء في النحو واللغة، والتاريخ، وفيها تكرار.. ومع أن الاعتقادات إنما تؤخذ من المصادر الصحيحة، والموثوقة، والصريحة الدلالة..
وإنني أذكرهم هنا بقوله تعالى:﴿ ... مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ... ﴾ 1..
وبقوله تعالى:﴿ ... وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ 2..
2 ـ وأما بالنسبة للسؤال عن مرجع الضمير في قوله تعالى:﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ... ﴾ 3.. فنقول: قال الله تعالى:﴿ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ 4..
فمرجع الضمير هو لفظ الجلالة في الآية الأولى..
كما أن الخطاب في قوله تعالى:﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ 5 هو لله سبحانه.. ولا يصح سوى ذلك، لا في هذه ولا في تلك..
فإن ما عداه، ليس سوى أقاويل تدخل في دائرة الترهات، والأباطيل، والأضاليل..
3 ـ وأما حكم من يقول برجوع الضمير ـ بأنه يعود ـ للأئمة عليهم السلام، فإنه إن كان معتقداً بأنهم هم الله جل شأنه فهو من الغلاة، وله حكمهم، وشأنه شأنهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 6..
- 1. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 7، الصفحة: 50.
- 2. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 146، الصفحة: 168.
- 3. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 103، الصفحة: 141.
- 4. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 102 و 103، الصفحة: 141.
- 5. القران الكريم: سورة الفاتحة (1)، الآية: 5، الصفحة: 1.
- 6. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، « المجموعة التاسعة »، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 هـ ـ 2004 م، السؤال (513 ـ 514).