نشر قبل 6 سنوات
مجموع الأصوات: 57
القراءات: 7403

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

هل البكاء على الشهداء ضعف؟

نص الشبهة: 

بسمه تعالى

الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله..

وبعد.. فإن سؤالنا هو التالي: ألا يمثل بكاء الإمام الحسين (عليه السلام) على من قتل معه في كربلاء، وكذلك بكاء النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، على حمزة، وجعفر ، وعلى ولده إبراهيم.. و.. ألا يمثل ذلك حالة ضعف؟!..

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
فإن البكاء حزناً على فقد عزيز، أو فرحاً بلقاء حبيب، لهو من المزايا الإنسانية، ومن أدلة سلامتها واكتمالها، ومن مظاهر التوازن في ملكاتها، وحالاتها.. وآية يقظة المشاعر والأحاسيس فيها، فمن يبكي ـ بهذا الاعتبار ـ فهو إنسان..
وكلما كان الإنسان مؤمناً صافي الإيمان، كلما تجلت هذه العواطف النبيلة، وتلك الأحاسيس والمشاعر في شخصيته، وتبلورت في مواقفه، وظهرت في تعاطيه الطافح بالمعاني الإنسانية مع القضايا المتصلة بهذا الجانب أو ذاك..
وهذا بالذات هو الذي يجعلنا نفهم بعمق كيف أن الأنبياء والأوصياء، في حين أنهم هم أشد الناس رهافة حسٍ، ونبل مشاعر، وتوهج عاطفة.. فإنهم أيضاً، أشد الناس التزاماً بالحق، وصلابة في الدفاع عنه..
واللافت هنا: أن تلك العاطفة، وهاتيك المشاعر والأحاسيس قد كانت من عوامل زيادة صلابة أولياء الله وأصفيائه، ومن أسباب زيادة صمودهم وإصرارهم على حقهم، بدل أن تكون عامل ضعف، وتردد، وسبب تراجع واستسلام..
وهذا ما يفسر لنا كيف أن الإمام الحسين (عليه السلام)، قد أثبت أنه من أشد الناس عاطفة ومحبة لولده، وذوي قرابته، وصحبه..
ولكن ذلك لم يمنعه من أن يسخو بهم في مواقع النضال والجهاد في سبيل الله، وفي سبيل المستضعفين.. فهو يبكيهم، ولكنه يصر على أن يكونوا هم القرابين في سبيل الله تعالى..
ونداء الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء: ألا هل من ناصر ينصرنا، ألا هل من مغيث يغيثنا، ألا هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله).. لم يكن هذا النداء دليل ضعف واستسلام، ولا كان يطلب من الناس أن يأتوا إليه ليخلصوه من القتل، وينجو بنفسه..
بل كان نداء القوة، والإصرار على مواصلة الحرب، وكان الإعلان الواضح للناس كلهم: أنه لا يزال مصراً على موقفه، مقتنعاً بمبادئه، وفياً لدينه، حريصاً على القيام بواجبه الإلهي والإنساني، مهما كلفه ذلك من تضحيات..
إنه بكاء القوي، الذي لم يخضع لإرادة أعتى القوى، وأشدها فتكاً وإجراماً، وإنما خضع لله، وحده، وتبتل إليه، ووهب له كل حياته وكل عزيز عليه..

والحمد لله رب العالمين 1.

لمزيد من المعلومات يمكنكم مراجعة الروابط التالية:

  • 1. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الرابعة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 ـ 2002، السؤال (220).