نشر قبل 8 سنوات
مجموع الأصوات: 54
القراءات: 5243

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

لماذا لا نقول بافضلية الخليفة الاول و الثاني من علي بن ابي طالب رغم حصول الفتوحات الاسلامية في زمنهما ؟

نص الشبهة: 

توسّعت الفتوحات الإسلاميّة في زمن الخليفتين الأوّل والثاني ، ولكن في زمان خلافة عليّ بن أبي طالب اختلف المسلمون وانقسموا ودخلوا في حروب داخليّة مع بعضهم !! فكيف تفسِّرون ذلك ؟

الجواب: 

إذا كانت أفضليّة الأشخاص تُقاس بمقدار اتّساع الرقعة الجغرافيّة التي يحكمونها ، فإنّ معنى ذلك أنّ الخليفتين الأوّل والثاني أفضل من النبيّ ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ; لأنّ انتشار الإسلام في زمن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أقلّ من انتشاره في زمن الخليفتين الأوّل والثاني .
وإذا كان الميزان هو اتّساع الرقعة الجغرافية للحكومة الإسلاميّة فإنّ هارون « الرشيد » يكون حينئذ أفضل من الجميع حتّى من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ حاشا لله ـ لأنّ شمس الإسلام قد أشرقت في زمن هارون أكثر من أيّ وقت آخر .
ثمّ إنّ النكتة اللطيفة هنا هي أنّ انتشار الإسلام على عهد الخليفتين الأوّل والثاني لم يكن نتيجة لجهودهما الشخصية ، بل كان نتيجة لاستعداد الشعوب المُتعبة والمُثقلة بظلم حكوماتها الجائرة لتقبّل الإسلام ، فنداء « لا إله إلاّ الله » المقترن بطلب العدالة والمساواة بين الناس هداهم إلى الإسلام . وفي الوقت نفسه لا يمكن تجاهل دور الجهاد والشهادة التي جاء بها الإسلام ، والتي ساعدت في انتشار هذا الدِّين الحنيف . فلو كان هنا فضل فهو يرجع إلى المجاهدين في سبيل الله دون غيرهم ممّن لم يجردوا شيئاً في طريق نشر الإسلام .
أمّا الاختلافات والصراعات التي وقعت أيّام حكومة الإمام عليّ ( عليه السلام ) فقد كانت نتيجة طبيعيّة لسياسة الخلفاء ، خصوصاً أيّام الخليفة الثالث ; حيث حلّت العصبية والقبلية محل العدالة والمحبّة الإسلامية ، وكان الإمام عليّ ( عليه السلام ) يريد إرجاع هذه الأُمّة عن تلك القبليّة والعصبيّة وهاوية الانحراف وحبّ الدُّنيا ، إلى سيرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأيّامه ، فقام أصحاب الدُّنيا بمخالفة سيرته ( عليه السلام ) حيث جيّشوا جيشاً بالأموال التي اغتصبوها من بيت مال المسلمين لمحاربة الإمام ( عليه السلام ) . فحاربهم ( عليه السلام ) امتثالاً لصريح القرآن و أوامر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فلم تكن الاختلافات والصراعات معلولة لحكومة عليّ ( عليه السلام ) ، بل كانت أثراً طبيعياً للتربية غير السليمة لمن سبقه ممّن رفضوا حكومة العدل الإلهي وسعوا وراء ملذّاتهم الدنيويّة ، والتي وقف علي ( عليه السلام ) حائلاً بينهم وبينها ، ممّا دعاهم للتآمر عليه ومحاربته 1 .

  • 1. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته .