حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
النقطة التي ينطلق منها والعناصر التي يستخدمها الباحث، هل هي التي تؤثر بنجاحه وبفشله مباشرة؟
نص الشبهة:
النقطة التي ينطلق منها والعناصر التي يستخدمها الباحث، هل هي التي تؤثر بنجاحه وبفشله مباشرة؟
الجواب:
هذه قضية ترتبط بمدى قدرة الباحث على تشخيص طبيعة المفردات التي يواجهها، والتي تمكنه من التعرف على الوسائل التي تنفع في كشف الحقيقة فيها، ثم العمل على الوصول إليها والحصول عليها.
مثلاً حينما يكون الباحث باحثاً إسلامياً فيعرف أن هناك ثورة حقيقية في عالم المفاهيم، وفي العقائد، وفي بناء الإنسان، حدثت ببعثة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلابد أن يبحث في كثير من القضايا التي ليس لها خصوصية تاريخية مئة في المئة، إذ إن الإسلام قد جاء ليمارس صناعة الإرادة لهذا الإنسان الذي كثيراً ما يخضع للمتغيرات التي تطرأ على الفكر، وعلى المفاهيم، وعلى الحالات النفسية له، كما أن كثيراً من القضايا قد تكون خاضعة لمتغيرات الطبيعة، فلو حصل زلزال ما في بلد ما؛ فإنه قد يؤثر في البنية الاجتماعية فتنشأ عنه مشكلات إنسانية حين يتسبب بدمار منطقة كبيرة، فلهذا التدمير آثاره على روحية الناس وفي البنية الاجتماعية التي ستنشأ على أنقاضه، كما أن له آثاره في العمل السياسي، وفي الشعارات السياسية التي ربما تتأثر بنتائج الزلزال.
إذن فقد يؤثر هذا الزلزال في كثير من تصرفات المجتمع وفي كثير من توجهاته وحالاته، وربما ينشأ عنه وضع اقتصادي معين، له تأثيره في صنع الحدث، وفي اهتمامات الناس، وفي حركتهم، إذاً فلا نستطيع نحن أن نفرض على أي باحث أن يعتمد في بحثه وسيلة بخصوصها، بل ربما يضطر لأن يبحث في كثير من الأمور التي قد نجدها في ظاهر الأمر بعيدة عن القضايا التاريخية مع أن هذه القضايا التاريخية قريبة منها في واقع الأمر، ولها مساس مباشر فيها أحياناً. وهذا أمر طبيعي جداً.
والخلاصة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحدث تغييراً جذرياً في عالم المفاهيم، والعقائد، وفي البنية الاجتماعية، والسياسية، وفي التركيبة القبلية والعشائرية، والأسرية، وفي كل شيء، فلابد للباحث التاريخي أن يستفيد من هذا كله، كوسائل لكشف الحقائق، إذ لا يمكنه فصل الحدث عن التحولات التي نشأت، أو التي ربما أثرت في نشوئه، أو أصبحت الحضن الدافئ الذي نشأ وترعرع فيه 1.
- 1. كتاب: مقالات و دراسات، الباحث التاريخي، مقابلة مجلة بقية الله العدد 54 السنة الخامسة ـ بيروت مع السيد جعفر مرتضى العاملي.