مجموع الأصوات: 25
نشر قبل 4 أيام
القراءات: 201

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

مظاهر شخصية الامام الباقر عليه السلام

وتوفرت في شخصية الامام أبي جعفر (ع) جميع الصفات الكريمة التي تؤهله لزعامة هذه الأمة ، وقيادتها الروحية والزمنية ، فكل صفة من صفاته ترفعه الى القمة التي لا يبلغها إلا افذاذ الناس وعمالقة الدهر ، فهو كما قال الشاعر :
من هاشم في ذراها وهي صاعدة         الى السماء تميت الناس بالحسد

قـــــــوم أبى الله إلا أن تــــكون لهم          مــكارم الــدين و الدنيا بـلا أمـــــــد
 
لقد كان الامام العظيم بمواهبه وعبقرياته صورة متميزة من بين صور العظماء والمصلحين ، فقد تميز بفضائله النفسية ومآثره الخالدة ، وتميز بحسبه الوضاح ، وتميز بكل ما يسمو به هذا الانسان ، ومن بين ما تميز به.

إمامته

وحباه الله بالامامة ، وخصه بالنيابة العامة عن جده الرسول (ص) فهو أحد خلفائه ، وأوصيائه الاثنى عشر ، الذين جعلهم النبي (ص) سفن النجاة ، وأمن العباد ، وقرنهم بمحكم التنزيل ، ونصبهم اعلاما لأمته صيانة لها من الفرقة ووقاية لها من الفتن والازمات.
لقد احتاط النبي (ص) كأشد ما يكون الاحتياط في شأن أمته ، وأهاب بها من أن تكون في ذيل قافلة الأمم والشعوب ، فقد أراد لها العزة والكرامة ، وأراد أن تكون خير أمة أخرجت للناس ، فأولى الخلافة والامامة المزيد من اهتمامه ، ونادى بها اكثر مما نادى بأي فرض من الفروض الدينية لأنها القاعدة الصلبة لتطور أمته في مجالاتها الفكرية والاجتماعية والسياسية ، وقد خصها بالأئمة الطاهرين من أهل بيته الذين لم يخضعوا بأي حال من الاحوال لأية نزعة مادية ، وإنما آثروا طاعة الله ومصلحة الأمة على كل شيء.
وقد تحدث الامام الباقر (ع) عن الامامة بصورة موضوعية وشاملة سنعرض لها عند البحث عن تراثه الفكري والعلمي ... اما امامته فقد دلت عليها النصوص العامة والخاصة ، والتي كان منها نص الامام أمير المؤمنين (ع) على امامته ، وامامة الأئمة الطاهرين من بعده 1 وغير ذلك من النصوص التي سنعرض لها في البحوث الآتية :

العصمة

ومن اسمى مظاهر ذاتيات الامام أبي جعفر (ع) العصمة من الذنوب والآثام ، وطهارته من الزيغ والرجس.
أن العصمة لطف من الله تعالى يهبها لمن يشاء من عباده ممن امتحن قلوبهم بالايمان ، وزكاهم ، واختارهم لاداء رسالته واصلاح عباده ، وهي من أهم العقائد الراسخة عند الشيعة ، واحدى المبادي ، الاساسية للامامة عندهم ، ونتحدث ـ بايجاز ـ عنها.

تعريف العصمة

وعرف المتكلمون من الشيعة العصمة بتعاريف متعددة ، كان من بينها تعريف الشيخ المفيد ، فقد عرفها بأنها الامتناع بالاختيار عن فعل الذنوب والقبائح عند اللطف الذي يحصل من الله تعالى في حقه وهو لطف يمتنع من يختص به من فعل المعصية ، وترك الطاعة مع القدرة عليهما 2 ويقول العلامة الحلي : فى تعريفها بأنها لطف من الله تعالى يفيضه على المكلف لا يكون له مع ذلك داع الى ترك الطاعة وارتكاب المعصية مع قدرته على ذلك 3 وعرفها شيخ الطائفة الشيخ الطوسي بأنها ما يمتنع المكلف من المعصية في حال تمكنه منها.
والعصمة على ضوء هذه التعاريف عبارة عن الكمال المطلق للنفس ، وتحررها التام من كل نزعة من نزعات الهوى والغرور والطيش ، والامتناع من اقتراف أية جريمة أو ذنب سواء أكان على سبيل العمد أم السهو ، ومن الطبيعي أنه لا يتصف بذلك إلا من اختاره الله لاداء رسالته وهداية عباده نبيا كان أم اماما.

الاستدلال عليها

واستدلت الشيعة على ما ذهبوا إليه من اعتبار العصمة في الامام بأدلة كثيرة مقنعة لا مجال للشك فيها ، ولعل من أروع من أستدل عليها من متكلميهم هشام بن الحكم قال : إن جميع الذنوب لها أربعة أوجه لا خامس لها : الحرص ، الحسد ، الغضب ، الشهوة ، وهذه الصفات كلها منفية عن الامام ، فلا يجوز أن يكون حريصا على هذه الدنيا ، وهي تحت خاتمه ، فهو خازن أموال المسلمين فعلى ما ذا يحرص؟ ولا يجوز أن يكون حسودا لأن الانسان إنما يحسد من فوقه ، وليس فوقه أحد ، فكيف يحسد من دونه ، ولا يجوز أن يغضب لشيء من أمور الدنيا إلا أن يكون غضبه لله عز وجل ، قد فرض عليه اقامة حدوده ، ولا يجوز أن يتبع الشهوات ، ويؤثر الدنيا على الآخرة لأن الله حبب إليه الآخرة كما حبب إلينا الدنيا ، فهو ينظر الى الآخرة كما ننظر الى الدنيا ، فهل رأيت أحدا ترك وجها حسنا لوجه قبيح ، وطعاما طيبا لطعام مر ، وثيابا لينة لثوب خشن ، ونعمة دانية باقية لدينا زائلة فانية 4.
واقامت الشيعة على ضرورة العصمة للأئمة مجموعة كبير من الادلة الوثيقة العقلية والنقلية حفلت بها كتبهم الكلامية 5 ويرى « دونالد سن » ان فكرة العصمة عند الشيعة قد أدت الى تطور علم الكلام وازدهاره في الاسلام ... كما ان لهم الفضل في بحث هذا الموضوع لا في الاسلام فحسب بل في جميع الديانات الاخرى 6 فقد كانوا أول من فتق باب الجدل والحوار العلمي المبني على الادلة العقلية المثبتة لشؤون مبادئهم الاساسية في الامامة.

شكوك وأوهام

وأثير حول العصمة كثير من الشكوك والأوهام ، وأاهمت الشيعة بالجمود والغلو ، وقال الناقدون لهم : إن الأئمة كبقية الناس يطيعون الله ، ويعصونه ، وتصدر المعصية عنهم عمدا أو سهوا من دون أن يكون هناك أي فرق بينهم ، وبين سائر الناس.
وأكبر الظن أن الحملات المسعورة التي واجهتها الشيعة في التزامهم بعصمة أئمتهم إنما كانت لتبرير ملوك بني أمية وبني العباس الذين أضفوا عليهم النعوت العظيمة والالقاب الكريمة فادعوا أنهم سدنة الشريعة ، وخلفاء الله في أرضه ، ولا مانع مع ذلك أن تصدر عنهم المعاصي والذنوب ، فليست العصمة اذن شرطا فيمن يتولى شئون المسلمين ، وقد انكرت الشيعة ذلك أشد الانكار ، وذهبت الى أن خلافة أولئك الملوك لا تحمل أي طابع من الشرعية ، وذلك لما أثر عنهم من الاعمال التي لا تتفق مع ابسط قواعد الدين الاسلامي ، فقد أسرفوا إلى حد بعيد في الدعارة واللهو والمجون ، وتحولت قصورهم الى مسارح للهو والرقص والفساد ، وفي ذلك يقول الشاعر في المهدي العباسي :
بنو أمية هبوا طال نومكم        ان الخليــــــفة يعقـــــــوب بـــــــــن داود
ضــــاعت خلافتكم يـــا قوم       فالتمسوا خليفة الله بين الناي والعود
 
وإذا كان الخليفة قد صرعه الهوى فصار حليفا للناي والعود ، كيف يكون اماما للمسلمين ، وخليفة لله في أرضه؟
لقد احتاط الاسلام كأشد ما يكون الاحتياط في شأن الخلافة الاسلامية باعتبارها المركز الحساس لسعادة المسلمين ، وتقدمهم وتطور حياتهم فليس من المنطق في شيء أن يضفى على اولئك الملوك خلفاء الله في ارضه ، وامنائه على عباده ، وان يقال بشرعية خلافتهم.
لقد قالت الشيعة : بعصمة أئمتهم لأنهم الا نموذج الاعلى للتكامل الانساني ، ولم يؤثر عن احد منهم ـ فيما اجمع عليه المؤرخون ـ انه قد شذ في سلوكه عن الطريق القويم أو خالف الله فيما أوجب أو نهى ، ألم يقل الامام أمير المؤمنين (ع) : « والله لو اعطيت الاقاليم السبع بما تحت افلاكها على أن اعصي الله في جلب شعيرة اسلبها من فم جرادة ما فعلت » وهذه هي العصمة التي تدعيها الشيعة لأئمتهم (ع) فليس فيها غلو ولا جمود ، وإنما كانت مطابقة للواقع المحكي عن سيرة أئمة اهل البيت (ع) الذين تحرجوا كأشد ما يكون التحرج في أمور دينهم ، وآثروا طاعة الله على كل شيء ، وقد اعلن الكتاب الكريم عصمتهم وطهارتهم من الزيغ والأثم قال تعالى : ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا 7 و قرنهم الرسول الاعظم بمحكم التنزيل قال (ص) خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا » فكما ان الكتاب العزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه كذلك العترة الطاهرة وإلا لما صحت المقارنة بينهما.

حلمه

أما الحلم فقد كان من ابرز صفات الامام أبي جعفر (ع) فقد اجمع المؤرخون على أنه لم يسىء الى من ظلمه واعتدى عليه ، وانما كان يغدق عليه بالبر والمعروف ، ويقابله بالصفح والاحسان ، وقد روى المؤرخون صورا كثيرة من عظيم حلمه ، كان منها :
1 ـ أن رجلا كتابيا هاجم الامام ، واعتدى عليه ، وخاطبه بمر القول : « أنت بقر. »
فلطف به الامام ، وقابله ببسمات فياضة بالبشر قائلا : « لا .. أنا باقر .. »
وراح الكتابي يهاجم الامام قائلا : « أنت ابن الطباخة. »
فتبسم الامام ، ولم يثره هذا الاعتداء وقال له : « ذاك حرفتها .. »
ولم ينته الكتابي عن غيه ، وإنما راح يهاجم الامام قائلا : « أنت ابن السوداء الزغنة الندية .. »
ولم يغضب الامام ، وإنما قابله باللطف قائلا : « إن كنت صدقت غفر الله لك ، وان كنت كذبت غفر الله لك .. »
وبهت الكتابي ، وبهر من معالي اخلاق الامام التي تضارع اخلاق الأنبياء ، فاعلن اسلامه 8 ورجع الى حظيرة الحق.
2 ـ ومن تلك الصور الرائعة المدهشة من حلمه أن شاميا كان يختلف الى مجلسه ، ويستمع الى محاضراته ، وقد أعجب بها ، فأقبل يشتد نحو الامام وقال له :
« يا محمد إنما أخشى مجلسك لا حبا منى إليك ، ولا أقول : إن أحدا أبغض إلي منكم أهل البيت ، واعلم ان طاعة الله ، وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم ، ولكني أراك رجلا فصيحا لك أدب وحسن لفظ ، فانما أختلف إليك لحسن ادبك!! »
ونظر إليه الامام بعطف وحنان ، واخذ يغدق عليه ببره ومعروفه حتى استقام الرجل وتبين له الحق ، فتبدلت حالته من البغض الى الولاء للإمام ، وظل ملازما له حتى حضرته الوفاة فأوصى ان يصلي عليه 9.
وحاكى الامام بهذه الاخلاق الرفيعة جده الرسول (ص) الذي استطاع بسمو اخلاقه أن يؤلف ما بين القلوب ، ويوحد ما بين المشاعر والعواطف ويجمع الناس على كلمة التوحيد بعد ما كانوا فرقا واحزابا ﴿ ... كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ 10

الصبر

لقد كان الصبر من الصفات الذاتية للأئمة الطاهرين من أهل البيت (ع) ففد صبروا على مكاره الدهر ، ونوائب الأيام ، وصبروا على تجرع الخطوب التي تعجز عنها الكائنات ، فقد كان الامام الحسين (ع) على صعيد كربلا يستقبل المحن الشاقة التي تذهل كل كائن حي ، وهو يقول : « صبرا على قضائك يا رب لا معبود سواك. » وصبر الامام الباقر (ع) كآبائه على تحمل المحن والخطوب ، وقد كان منها ما يلي :
1 ـ انتقاص السلطة لآبائه الطاهرين ، واعلان سبهم على المنابر والمآذن ، وهو (ع) يسمع ذلك ، ولا يتمكن أن ينبس ببنت شفة فصبر على كظم الغيظ ، وأوكل الأمر الى الله الحاكم بين عباده بالحق.
2 ـ ومن بين المحن الشاقة التي صبر عليها التنكيل الهائل بشيعة أهل البيت (ع) وقتلهم تحت كل حجر ومدر بأيدي الجلادين من عملاء السلطة الاموية ، وهو لا يتمكن أن يحرك ساكنا ، قد فرضت عليه السلطة الرقابة الشديدة ، واحاطته بمباحثها ، ولم تستجب لأي طلب له في شأن شيعته.
3 ـ وروى المؤرخون عن عظيم صبره انه كان جالسا مع أصحابه إذ سمع صيحة عالية في داره ، فاسرع إليه بعض مواليه فأسره فقال (ع) :
« الحمد لله على ما اعطى ، وله ما أخذ انههم عن البكاء ، وخذوا في جهازه ، واطلبوا السكينة ، وقولوا لها : لا ضير عليك أنت حرة لوجه الله لما تداخلك من الروع .. »
ورجع الى حديثه ، فتهيب القوم سؤاله ، ثم اقبل غلامه فقال له : قد جهزناه ، فأمر اصحابه بالقيام معه للصلاة على ولده ودفنه ، واخبر اصحابه بشأنه فقال لهم : انه قد سقط من جارية كانت تحمله فمات 11.

تدول الدول ، وتفنى الحضارات ، وهذه الاخلاق العلوية أحق بالبقاء ، وأجدر بالخلود من كل شيء لأنها تمثل شرف الانسانية وقيمها الكريمة.
4 ـ ويقول المؤرخون : إنه كان للإمام ولد وكان أثيرا عليه فمرض فخشي على الامام لشدة حبه له ، وتوفي الولد فسكن صبر الامام ، فقيل له : خشينا عليك يا ابن رسول الله (ص) ، فأجاب بالاطمئنان والرضا بقضاء الله قائلا :
« انا ندعو الله فيما يحب فاذا وقع ما نكره لم نخالف الله فيما يحب .. » 12.
لقد تسلح الامام بالصبر وقابل نوائب الدنيا وكوارث الدهر بارادة صلبة ، وايمان راسخ ، وتحمل الخطوب في غير ضجر ولا سأم محتسبا في ذلك الأجر عند الله.

تكريمه للفقراء

ومن معالي أخلاقه أنه كان يبجل الفقراء ، ويرفع من شأنهم لئلا يرى عليهم ذل الحاجة ، ويقول المؤرخون : انه عهد لأهله اذا قصدهم سائل ان لا يقولوا له : يا سائل خذ هذا ، وإنما يقولون له : يا عبد الله بورك فيك 13 وقال : سموهم باحسن اسمائهم 14.
انها اخلاق النبوة التي جاءت لتسمو بالانسان ، وتغذيه بالعزة والكرامة وتنفي عنه الخنوع والذل.

عتقه للعبيد

وكان الامام العظيم شغوفا بعتق العبيد ، وانقاذهم من رق العبودية ، فقد اعتق أهل بيت بلغوا أحد عشر مملوكا 15 وكان عنده ستون مملوكا فأعتق ثلثهم عند موته 16.

صلته لأصحابه

وكان أحب شيء للإمام في هذه الدنيا صلته لإخوانه فكان لا يمل من صلتهم وصلة قاصديه وراجيه ومؤمليه 16 وقد عهد لابنه الامام الصادق ان ينفق من بعده على اصحابه وتلاميذه ليتفرغوا الى نشر العلم واذاعته بين الناس.

صدقاته على فقراء المدينة

وكان الامام (ع) كثير البر والمعروف على فقراء يثرب ، وقد أحصيت صدقاته عليهم فبلغت ثمانية آلاف دينار 16 وكان يتصدق عليهم في كل يوم جمعة بدينار ويقول : « الصدقة يوم الجمعة تضاعف الفضل على غيره من الايام » 17.

كرمه وسخاؤه

أما الكرم فهو من العناصر الاولية لأئمة أهل البيت (ع) فقد بسطوا أيديهم بسخاء نادر الى الفقراء والسائلين ، وفيهم يقول الشاعر :
لو كان يوجد عرف مجد قبلهم      لوجدته منهــــم على اميـــال
إن جئتهم أبصرت بيــن بيوتهم      كرما يقيك مواقف التســــآل
نور النبوة و المكـــارم فيـــــهم      متوقد في الشيب والاطفال 18
ويقول فيهم الكميت :
والغيوث الليوث إن أمحل    الناس فمأوى حواضن الايتام
ويقول الكميت :
إذا انشأت منهم بارض سحابة    فلا النبت محظور ولا البرق خلب
وما ابدع ما قيل مما ينطبق عليهم :
كرمـــــوا و جاد قبيلــهم مـن قبلــهم     وبنوهم من بعدهم كرماء
فالناس ارض في السماحة والندى    وهم إذا عد الكرام سمــــاء
 
لقد فطر الامام على حب الخير وصلة الناس وادخال السرور عليهم يقول ابن الصباغ : « كان محمد بن علي بن الحسين مع ما هو عليه من العلم والفضل والرئاسة والامامة ظاهر الجود في الخاصة والعامة ، مشهور بالكرم في الكافة معروف بالفضل والاحسان مع كثرة عياله وتوسط حاله » 19.
ويقول المؤرخون : انه كان اقل أهل بيته مالا وأعظمهم مئونة 20
ومع ذلك فكان يجود بما عنده لانعاش الفقراء والمحرومين ، وقد نقل الرواة بوادر كثيرة من كرمه ومن بينها :
1 ـ حدث كل من عبد الله بن عبيد وعمرو بن دينار قالا : ما لقينا أبا جعفر محمد بن علي إلا وحمل إلينا النفقة والكسوة ، ويقول : هذه معدة لكم قبل أن تلقوني 21.
2 ـ روى سليمان بن قرم قال : كان أبو جعفر يجيزنا الخمسمائة درهم الى الستمائة درهم الى الألف ، وكان لا يمل من صلة الأخوان وقاصديه وراجيه 21.
3 ـ قال الحسن بن كثير : شكوت الى أبي جعفر محمد بن علي الحاجة وجفاء الاخوان فتأثر (ع) وقال : بئس الأخ يرعاك غنيا ، ويقطعك فقيرا ، ثم أمر غلامه فاخرج كيسا فيه سبعمائة درهم ، وقال : استنفق هذه فاذا نفذت فاعلمني .. 22.
4 ـ وكان (ع) يحبو قوما يغشون مجلسه من المائة الى الالف ، وكان يحب مجالستهم منهم عمرو بن دينار ، وعبد الله بن عبيد ، وكان يحمل إليهم الصلة والكسوة ، ويقول : هيأناها لكم من أول السنة 23.
5 ـ روت مولاته سلمى قالت : كان يدخل عليه إخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيب ، ويلبسهم الثياب الحسنة ، ويهب لهم الدراهم وقد عذلته سلمى عن ذلك فقال لها : يا سلمى ما يؤمل في الدنيا بعد المعارف والاخوان .. 24 وكان يقول : « ما حسنت الدنيا إلا صلة الاخوان والمعارف 25 هذه بعض البوادر التي أثرت عن كرمه وسخائه ، وهي تكشف عن أن الاحسان والبر كانا من عناصره ومن مقوماته 26.

  • 1. بصائر الدرجات ( ص 108 ) للصفار.
  • 2. شرح عقائد الصدوق ( ص 114 ).
  • 3. توفيق التطبيق ( ص 16 ).
  • 4. عقيدة الشيعة ( ص 317 ).
  • 5. يراجع الالفين للعلامة الحلي ، وأوائل المقالات في المذاهب المختارة للشيخ المفيد ، ومنهاج الكرامة للعلامة الحلي.
  • 6. نظرية الامامة لدى الشيعة الاثنى عشرية ( ص 134 ).
  • 7. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 33، الصفحة: 422.
  • 8. اعيان الشيعة 4 / ق 1 / 504.
  • 9. بحار الانوار 11 / 66.
  • 10. القران الكريم: سورة الروم (30)، الآية: 32، الصفحة: 407.
  • 11. عيون الاخبار وفنون الآثار ( ص 218 ).
  • 12. تأريخ دمشق 51 / 52 ، عيون الاخبار لابن قتيبة 3 / 57.
  • 13. عيون الاخبار 3 / 208.
  • 14. البيان والتبيين ( ص 158 ) اعيان الشيعة ق 1 / 4 / 472.
  • 15. شرح شافية ابي فراس 2 / 176 من مصورات مكتبة الحكيم.
  • 16. a. b. c. شرح شافية أبي فراس 2 / 176.
  • 17. اعيان الشيعة 4 / ق 1 / 471.
  • 18. زهر الآداب 1 / 94.
  • 19. الفصول المهمة ( ص 227 ).
  • 20. اعيان الشيعة 4 / ق 1 / 176.
  • 21. a. b. الارشاد ( ص 299 ).
  • 22. صفة الصفوة 2 / 63.
  • 23. عيون الاخبار وفنون الآثار ( ص 217 ).
  • 24. اعيان الشيعة ق 1 / 4 / 506 ، صفة الصفوة 2 / 63.
  • 25. صفة الصفوة 2 / 63 ، اعيان الشيعة ق 1 / 4 / 506.
  • 26. المصدر: كتاب حياة الإمام محمّد الباقر دراسة و تحليل، لشيخ باقر شريف القرشي رحمه الله.