حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
- الدعاء - آثار الدعاء - التوبة - الامام المهدي - المنتظر - سمات المنتظر
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
الدعاء توجيه للمنتظِرين
تحمل الأدعية الواردة عن النبي(ص) والأئمة الأطهار(عم) مضموناً توجيهياً وتربوياً يساعدُ المؤمن على تبصُّر طريقه إلى الله تعالى، بمفردات سلوكية في أدائه اليومي، تتراكم لتجعل منه ملتزماً بأحكام الشريعة الإسلامية المقدسة، محققاً بذلك انتماءه إلى الخط الإلهي.
من الأدعية التي ترشدنا إلى هذا الهدف، الدعاء المنسوب إلى الإمام المهدي(عج)، وهو:"اللهم ارزقنا توفيق الطاعة، وبُعد المعصية، وصدق النية، وعرفان الحرمة، وأكرمنا بالهدى والاستقامة، وسدد ألسنتنا بالصواب والحكمة، واملأ قلوبنا بالعلم والمعرفة، وطهر بطوننا من الحرام والشبهة، واكفف أيدينا عن الظلم والسرقة، واغضض أبصارنا عن الفجور والخيانة، وأسدد أسماعنا عن اللغو والغيبة. وتفضَّل على علمائنا بالزهد والنصيحة، وعلى المتعلمين بالجهد والرغبة، وعلى المستمعين بالاتباع والموعظة، وعلى مرضى المسلمين بالشفاء والراحة، وعلى موتاهم بالرأفة والرحمة، وعلى مشايخنا بالوقار والسكينة، وعلى الشباب بالإنابة والتوبة، وعلى النساء بالحياء والعفة. وعلى الأغنياء بالتواضع والسعة، وعلى الفقراء بالصبر والقناعة، وعلى الغزاة بالنصر والغلبة، وعلى الأُسراء بالخلاص والراحة، وعلى الأمراء بالعدل والشفقة، وعلى الرَّعية بالأنصاف وحسن السيرة. وبارك للحجاج والزوار في الزاد والنفقة، واقض ما أوجبت عليهم من الحج والعمرة، بفضلك ورحمتك، يا أرحم الراحمين" 1.
إذا لاحظت معي، فإنَّ الإمام المهدي(عج) يوجهنا في تفاعلنا الروحي مع الله تعالى للالتزام بطاعته والابتعاد عن معصيته، وإنما يتم ذلك-على مستوى كل مؤمن - بمجموعة من السلوكيات، منها: صدقة النية، ومعرفة الحرام للابتعاد عنه، والاستقامة، والحكمة، والمعرفة، وتجنب الشبهات والمحرَّمات، وغض البصر، والابتعاد عن اللغو والغيبة.
ثم يطلب من الله تعالى لكل صنف من أصناف الأمة ما يصلح له حاله، فالزهد للعلماء، والجهد والرغبة للمتعلمين كي يتعلموا، وحسنُ استماع الموعظة، والشفاء للمرضى، والرحمة للموتى، والوقار والسكينة للكبار فهي علامات نجاحهم، والتوبة للشباب كي يستقيموا ويصلح حالهم، والعفة للنساء ما يؤدي إلى استقامة المجتمع، والتواضع للأغنياء كي لا يتكبروا بما أنعم الله تعالى عليهم، والصبر للفقراء كي لا يخرجهم الفقر عن الطاعة، والنصر للمجاهدين، والتحرير للأسرى، واقامة العدل للأمراء، وهكذا... لكل صنف ما يصلحه.
وإذا أمعنَّا النظر، فإنَّ جند الإمام المهدي(عج) هم هؤلاء الذين يتحلَّون بهذه الصفات، كلٌ بحسبه، فإذا انطبق على أيِّ منا صفة من هذه الصفات، ودعا الله تعالى ليوفقه لأحسنها وأقومها، كان مؤهلاً في جند الإمام(عج)، ذلك أنَّ أنصاره هم المستقيمون على الإيمان بالله تعالى والطاعة له، أي على طريق الإسلام، وأي جهد نبذله خارج إطار الإيمان والطاعة لا ينفع في تحقيق الهدف المرجو في أن نكون مع الإمام المنتظر (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء).
كما ورد في الدعاء في غيبة القائم(عج)، بأنَّ طريق معرفة الله تعالى تكون بما عرَّفنا الله به، وهي تمر عبر معرفة أنبيائه وخاصة محمد(ص)، ومنه إلى الأئمة الأطهار وآخرهم المهدي(عج) فبهم نهتدي إلى الدين الحنيف، فإذا أصبحنا على الجادة المستقيمة، لا يضرنا تعجَّلَ الفرج أم تأخر، عندها لا ضرورة للاستعجال، فالفرج آت في وقته المقرر، وعلينا أن نصبر، ونتحمَّل، ونفوِّض الأمر إلى الله تعالى مهما امتلأت الأرض بالجور، فالفرج قادم، والبشرى متحققة بإذنه تعالى.
ففي الرواية:"حدثنا أبو محمد الحسين بن أحمد المكتب قال: حدثنا أبو علي بن همام بهذا الدعاء، وذكر أن الشيخ العمري قدس الله روحه أملاه عليه، وأمره أن يدعو به، وهو الدعاء في غيبة القائم عليه السلام:"اللَّهم عرِّفني نفسك، فإنك إن لم تعرِّفني نفسك لم أعرف نبيك، اللَّهم عرِّفني نبيك، فإنَّك إن لم تعرِّفني نبيك لم أعرف حجَّتك، اللهم عرِّفني عرِّفني حجَّتك فإنَّك إن لم تعرِّفني حجَّتك ضللتُ عن ديني. اللهم لا تُمتني ميتةً جاهلية، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، اللهم فكما هديتني بولاية من فرضتَ طاعته عليَّ مِنْ ولاة أمرك بعد رسولك (صلوات الله عليه وآله) حتى واليتُ ولاة أمرك: أمير المؤمنين، والحسن، والحسين، وعلياً، ومحمداً، وجعفراً، وموسى، وعلياً، ومحمداً، وعلياً، والحسن، والحجة القائم المهدي، صلوات الله عليهم أجمعين. اللهم فثبِّتني على دينك واستعملني بطاعتك، وليِّن قلبي لولي أمرك، وعافني مما امتحنت به خلقك، وثبِّتني على طاعة وليِّ أمرك الذي سترته عن خلقك، فبإذنك غاب عن بريَّتك، وأمرَك ينتظر، وأنت العالم غير معلم بالوقت الذي فيه صلاح أمر وليِّك في الإذن له بإظهار أمره وكشف ستره، فصبِّرني على ذلك حتى لا أحب تعجيل ما أخَّرت، ولا تأخير ما عجَّلت، ولا أكشف عما سترته، ولا أبحث عما كتمته، ولا أنازعك في تدبيرك، ولا أقول: لم وكيف؟ وما بال ولي الأمر لا يظهر؟ وقد امتلأت الأرض من الجور؟. وأفوض أموري كلها إليك" 2. 3