مجموع الأصوات: 112
نشر قبل 8 سنوات
القراءات: 11106

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

التشيع

التشيع لغة: هو المشايعة أي المتابعة والمناصرة والموالاة1.
فالشيعة بالمعنى اللغوي هم الأتباع والأنصار وقد غلب هذا الإسم على أتباع علي عليه السلام حتى اختص بهم وأصبح إذا أطلق ينصرف إليهم.
وبهذا المعنى اللغوي استعمل القرآن الكريم لفظة الشيعة كما في قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ﴾ 2 وكقوله تعالى: ﴿ ... هَٰذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ... 3.

التشيع إصطلاحا: هو: الإعتقاد بآراء وأفكار معينة وقد اختلف الباحثون في هذه الأفكار والآراء كثرة وقلة وسيمر علينا ذلك مفصلا فالتشيع بالمعنى الثاني أعم منه بالمعنى الأول: وبينهما من النسب عموم وخصوص مطلقا والعموم في جانب التشيع بالمعنى الثاني لشموله لكل منهما.
وانطلاقا من كون التشيع اعتقادا بآراء معينة ذهب العلماء والباحثون تبعا لذلك إلى تعريفه على اختلاف بينهم في سعة مدى هذه التعاريف وضيقه وإليك نماذج من تعريفاتهم:

  1. الشهيد الثاني في كتابه شرح اللمعة قال: " والشيعة من شايع عليا - أي اتبعه وقدمه على غيره في الإمامة وإن لم يوافق على إمامة باقي الأئمة، فيدخل فيهم الإمامية والجارودية من الزيدية والإسماعيلية غير الملاحدة منهم والواقفية والفطحية "4.
  2. الشيخ المفيد في كتاب الموسوعة كما نقله عنه المؤلف قال: " الشيعة هم من شايع عليا وقدمه على أصحاب رسول الله صلوات الله عليه وآله واعتقد أنه الإمام بوصية من رسول الله أو بإرادة من الله تعالى نصا كما يرى الإمامية أو وصفا كما يرى الجارودية ". وقد نقل هذا المضمون نفسه كامل مصطفى الشيبي في كتابه الصلة5.
  3. الشهرستاني في الملل والنحل قال: " الشيعة هم الذين شايعوا عليا وقالوا بإمامته وخلافته نصا ووصاية أما جليا وأما خفيا واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو بتقية من عنده "6.
  4. النوبختي في كتابه الفرق قال: " الشيعة هم فرقة علي بن أبي طالب المسمون بشيعة علي في زمن النبي ومن وافق مودته مودة علي "7.
  5. محمد فريد وجدي في كتابه دائرة معارف القرن العشرين قال: " والشيعة هم الذين شايعوا عليا في إمامته واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عن أولاده ويقولون بعصمة الأئمة من الكبائر والصغائر والقول بالتولي والتبري قولا وفعلا إلا في حال التقية إذا خافوا بطش ظالم "8.

هذه النماذج من التعريفات إنما قدمتها لنعرف ما هي مقومات التشيع في نظر الباحثين، وقد تبين من بعضها: الإقتصار على وصف الشيعة بأنهم يقدمون عليا على غيره لوجود نصوص في ذلك أو وجود صفات اختص بها ولم تتوفر لغيره والواضح من ذلك أن جوهر التشيع هو الالتزام بإمامة علي وولده وتقديمه على غيره لوجود نصوص عندهم في ذلك وينتج من ذلك الالتزام بأمرين:
الأول: بما أن الإمامة وليدة النصوص فهي امتداد للنبوة يترتب عليها ما يترتب على النبوة من لوازم عدى الوحي فإن نزوله مختص بالأنبياء.
والثاني: أن الإمامة لا تتم بالانتخاب والاختيار وإنما بالتعيين من الله تعالى فهو الذي ينص على الإمام عن طريق النبي، وإنما يختاره لتوفر مؤهلات عنده لا توجد عند غيره.
أما الزيادة على ما ذكرناه والتي وردت في التعريفات التي نقلناها والتي قد توجد في كتب الشيعة الأخرى فهي مستفادة من أخبار وهي أعم من كونها من أصول المذهب أو من أصول الإسلام كما سنرى ذلك فيما يأتي أن الغرض من هذه الإشارة هو إلقاء الضوء على نقطة يؤكد عليها الباحثون عند استعراضهم لذكر الشيعة وعقائدهم: ألا وهي التأكيد على إدخال آراء أريد لها أن تكون خيوطا تصل بين التشيع واليهودية، أو النصرانية، أو الزندقة، ومحاولة إيصال التشيع لعرقيات معينة، وهي محاولة لا تخفى على أعين النقاد بأنها غير موضوعية، إن هذه المحاولة تريد تصوير التشيع بأنه تطور لا كما تتطور العقائد والمذاهب الأخرى، وفي التوسع وقبول الإضافات السليمة نتيجة تبرعم بعض الآراء وإنما هو تطور غير سليم وغير نظيف أفسد مضمون التشيع.
وسأستعرض بعض هذه الأقوال لتكون مجرد مؤشر على هذا الإتجاه وسأعقب عليها بما أراه:

تطور التشيع

1 - رسم الدكتور عبد العزيز الدوري هذا التطور عن طريق تقسيمه للتشيع إلى روحي بدأ أيام النبي عليه الصلاة والسلام وسياسي حدث بعد مقتل الإمام علي، وقد استدل لذلك بأن التشيع بمعناه البسيط دون باقي خواصه الاصطلاحية قد استعمل في صحيفة التحكيم التي نصت على شيعة لعلي وشيعة لمعاوية مما يعطي معنى المشايعة والمناصرة فقط دون باقي الصفات والأبعاد السياسية التي حدثت بعد ذلك9.
2 - محمد فريد وجدي في دائرة المعارف قال: " الشيعة هم الذين شايعوا عليا في إمامته واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عن أولاده ويقولون بعصمة الأئمة من الصغائر والكبائر والقول بالتولي والتبري قولا وفعلا إلا في حال التقية إذا خافوا بطش ظالم وهم خمس فرق: " كيسانية وزيدية وإمامية وغلاة وإسماعيلية " وبعضهم يميل في الأصول إلى الاعتزال وبعضهم إلى السنة وبعضهم إلى التشبيه "10.
إن هذه المقتطفة من فريد وجدي سبق أن ذكرت قسما منها في التعريف بالتشيع، وذكرت هنا المقتطفة بكاملها ليتضح منها أن مضمونها يغطي التشيع منذ أيامه الأولى حتى الآن لأن من الواضح أن هذه المضامين لم تولد دفعة واحدة وإنما دخلت لمضمون التشيع تدريجا، وقد خلط فريد وجدي فيها بين السمات والمقومات وجعل من ليس من الشيعة منهم ونسب لهم ما هم منه براء ولا أريد أن أتعجل الرد عليه فستمر علينا أمثال هذه النسب والرد عليها في مكانها من الكتاب.
3 - الدكتور كامل مصطفى في كتابه الصلة قال: " ويتضح بعد ذلك أن التشيع قد عاصر بدء الإسلام باعتباره جوهرا له، وأنه ظهر كحركة سياسية بعد أن نازع معاوية عليا على الإمارة وتدبير شؤون المسلمين ويتبين بعد ذلك أن تبلور الحركة السياسية تحت اسم الشيعة كان بعد قتل الحسين عليه السلام مباشرة وإن كانت الحركة سبقت الاصطلاح وبذلك يمكننا أن نلخص هذا الفصل في كلمة بيانها أن التشيع كان تكتلا إسلاميا ظهرت نزعته أيام النبي وتبلور اتجاهه السياسي بعد قتل عثمان واستقل الاصطلاح الدال عليه بعد قتل الحسين 11.
وواضح من هذا النص أن التشيع مر بأدوار تطور فيها كما يقول كامل:
4 - الدكتور أحمد أمين قال: " إن التشيع بدأ بمعنى ساذج وهو أن عليا أولى من غيره من وجهتين: كفايته الشخصية وقرابته للنبي، ولكن هذا التشيع أخذ صيغة جديدة بدخول العناصر الأخرى في الإسلام من يهودية ونصرانية ومجوسية، وحيث أن أكبر عنصر دخل في الإسلام الفرس فلهم أكبر الأثر بالتشيع "12، وواضح هنا مما ذكره أحمد أمين أن التشيع تطور لا بشئ من داخله وإنما بإضافات واسباغ من عناصر أخرى دخلت الإسلام واختارت التشيع فنقلت ما عندها من أفكار وعقائد إليه حتى أصبحت جزءا منه وإن الفرس بالذات تركوا بصماتهم على المذهب أكثر من غيرهم كما يريد أحمد أمين أن يصوره، وهو زعم أخذه أحمد أمين من غيره وغيره أخذه من غيره وهكذا حتى أوشك أن يصبح من الأمور المتسالم عليها عند الباحثين وقريبا سأوقفك على زيف هذه الدعوى والهدف من الإصرار على ربط التشيع بالفارسية شكلا ومضمونا.
5 - الدكتور أحمد محمود صبحي قال: " - بعد ذكر الرواد من الشيعة - والتشيع بالنسبة للشيعة المتأخرين مثل الزهد في عصر الرسول والخلفاء الراشدين والفرق بينه وبين التصوف الذي شابته عناصر غنوصية وتأثر بتيارات فكرية متباينة كما عرف لدى محيي الدين ابن عربي والسهروردي مثلا "13.
وبعد أن استعرضنا هذه الأمثلة من أقوال الكتاب التي فرقوا بها بين التشيع في الصدر الأول وما تلا ذلك من عصور أود أن أعقب على ذلك بما يلي:
1 - أن كمية الأفكار والمعتقدات في المضمون الشيعي تتسع في الأزمنة المتأخرة عما كانت عليه في الصدر الأول دون شك في ذلك ولكن هذه الزيادة ليست أكثر من المضمون الأصلي للتشيع وإنما هي تفصيل وبيان لمجمله، إنها ليست بإضافة أجزاء وإنما هي ظهور جزئيات انطبق عليها المفهوم الكلي للتشيع وقد ظهرت هذه الجزئيات بفعل تطور الزمن، وكمثال لذلك: موضوع النصوص التي وردت على لسان النبي عليه الصلاة والسلام هل هي مجرد إشارة لفضل الإمام علي أم أنها على شكل يلزم المسلمين بالقول بإمامته وعلى نحو الوصية له بالخلافة وتبعا لذلك هل أن هذه الإمامة تقف عند حد المؤهلات أم أن الإمام يجب أن يكون النموذج المثالي فيكون أشجع الناس وأعلم الناس وأعدل الناس وهكذا تبرعم موضوع العصمة وغيره، وكل هذه الأمور داخلة في صلب موضوع الإمامة وليست هي بأمور زائدة على الموضوع بل اشتقاقات أولدها التطور الفكري وزيادة أعداد وأنواع معتنقي المذهب.
2 - إن مثل هذا التطور كمثل كل تطور حدث، ومن ذلك تطور الإسلام بصفته مقسما للمذاهب، فالمسلمون منذ وجدوا كان من عقيدتهم الاعتراف بالله عز وجل ووجوده وحدانيته واتصافه بصفات الكمال وتنزهه عن صفات النقص وكل ذلك على نحو الإجمال، وعندما اتسعت مجالات التفكير وانفتح العالم الإسلامي على أمم وثقافات متنوعة، تبرعمت أسئلة وجدت أفكار فرجع
المسلمون إلى ما آمنوا به إجمالا يبينون مجمله ويفصلون مختصره، فنشأ من إيمانهم بأن الله خالق كل شئ: النزاع بإعطاء السبب الطبيعي صفة الخلق وذلك يؤدي إلى تعدد الخالق كما تصوروا، أم أن ذلك لا يقدح بانفراد الله تعالى بصفة الخالق: إذ أن لله تعالى جهة تأثير ليست من مقدورات المخلوقين وكل ما للمخلوقين إنما هو من جهة أخرى ولا يقدح ذلك في كون الله تعالى أحسن الخالقين، وتبرعمت عن هذه المسألة مسألة خلق أفعال العباد وربط ذلك كله بالجبر والاختيار وهكذا.
ومثال آخر هو إيمان المسلمين منذ وجدوا بحجية ظواهر القرآن الكريم فنشأ من ذلك النزاع حول حجية ظواهر بعض الآيات لأن لازم ذلك نسبة من لا يصح إلى الله تعالى وذلك مثل قوله تعالى:  ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ 14، حيث ذهب أهل السنة إلى جواز رؤية الله تعالى يوم القيامة استنادا إلى ظاهر الآية، بينما ذهب الإمامية إلى استحالة رؤيته تعالى لاستلزام الرؤية الجسمية وبالتالي التركيب فالحاجة فالحدوث وانتهاء كل ذلك إلى نفي الألوهية وقد أولوا النظر هنا بأنه انتظار الرحمة كما يقول شخص لآخر ينتظر منه الرحمة أنا أنظر إليك وإلى عطفك وذلك شائع في لغة العرب وحضارتهم والقرآن نزل بلغة العرب وسلك منهجهم في المحاورات، هذا بالإضافة إلى أن الله تعالى نسب هنا النظر إلى الوجوه وهي ليست من أعضاء النظر من قبيل قوله تعالى: ﴿ مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ﴾ 15

ومثال آخر أذكره للتدليل على اتساع المضمون الإسلامي عما كان عليه في الصدر الأول فقد آمن المسلمون منذ وجدوا بأن الله تعالى لا يفعل العبث وجاءت ظواهر الآيات تؤيد ذلك فقد جاء في قوله تعالى:﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ ... 16 ، وجاء بقوله:﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾ 17 ، فتنازع المسلمون بعد ذلك في أن أفعال الله تعالى هل هي معللة ولازم ذلك نسبة النقص إلى الله لأن كل فاعل للعلة إنما يحتاج لتلك العلة، أم أن أفعاله تعالى غير معللة ولازم ذلك أن فعله عبث تعالى الله عن ذلك، فذهب أهل السنة إلى أن أفعاله غير معللة، وذهب الإمامية إلى أنها معللة بدون حاجة منه تعالى للعلة وإنما يعود نفع العلة للعباد أنفسهم وبذلك يجمع بين الأمرين من كونه تعالى لا يفعل العبث ومن كونه غنيا عن الحاجة.

ومع جميع ما ذكرناه لا يقال إن المسلمين تطورت عقائدهم وزاد مضمون الإسلام عما كان عليه في الصدر الأول وإنما الذي حدث أن المسلمين توسعوا في شرح الأمور المجملة عندما اضطروا لذلك نتيجة تفاعلهم مع ثقافات مختلفة وأفكار متنوعة فالمسلم في صدر الإسلام والمسلم في أيامنا مصدر تشريعه الكتاب والسنة ولكنه فيما مضى أخذهما مجملين والآن احتاج إلى التفصيل لوجود دواعي وجدت ولم تكن موجودة في الصدر الأول فإذا كان التطور المنسوب إلى التشيع على هذا النحو الذي حدث في الإسلام نفسه فهو واقع بهذا المعنى لا نزاع في ذلك، أما إذا كان استحداث آراء جديدة وبعيدة عن روح الإسلام فلا لأن كل ما يأباه الإسلام يأباه التشيع بالضرورة إن التطور الذي حدث في الإسلام على الشكل الذي ذكرناه لم يشكل قدحا في عقائد فرق المسلمين، وإذا كان ما حدث في التشيع من تطور مثل ما حدث في الإسلام ككل فما له هنا يشكل قدحا في العقيدة ويثير شكوكا لا مبرر لها ؟
3 - ومع التنزل وافتراض دخول عضو إضافي على جسم التشيع كما يريد أن يثبته البعض اعتباطا وهو منفي فإن مثل هذا الفرض يأباه الفكر الشيعي إذا كان مما لا يلتقي مع كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله والخطوط الإسلامية العامة، إن مثل هذا الفرض هو رأي يرد إلى نحر قائله فكل ما هو ليس من الإسلام فهو ليس من التشيع في شئ بداهة أن التشيع من عطاء فكر أهل البيت وهم عدل الكتاب وهم مثل سفينة نوح فعلى هذا يكون ما ينسب إلى التشيع من هذا القبيل إنما هو خلط بين التشيع والشيعة وكثير ممن ينعت بأنه من الشيعة يرفضه الهيكل الشيعي فيما له من حدود وهوما سنمر عليه ونذكر أدلته، والشأن في ذلك شأن التفكير السني الذي ينفي عنه بعض المنتسبين إليه ممن ثبت انحرافهم عن خطوط الإسلام ولا يقدح وجود أمثالهم عند أهل السنة، ولا ينتزع من وجود أمثال هؤلاء حكم عام يعمم على أهل السنة.
وعلى أسوأ الفروض لو وجدت أفكار إضافية طارئة على جسم أي مذهب من المذاهب وزائدة على محتواه الأصلي كما هو الفرض ولكنها لا تشكل إنكار ضرورية من ضروريات الدين ولا ردة ولا انحرافا فإن أمثالها لا يبرر رمي من وجدت عنده بالمروق عن الدين والخروج عن الإسلام وربطهم باليهودية والنصرانية وأمثال ذلك من النسب التي لا يتفوه بها مسلم على أخيه وله ضمير وخلق مسلم يصدر في سلوكه عن تعاليم الإسلام.
فمتى كان القول بالوصاية مثلا وأن لكل نبي وصيا وأن الأوصياء يجب كونهم معصومين حتى يتحقق الغرض من نصبهم قادة للأمة والاعتقاد بأن المهدي حي وأمثال ذلك من العقائد موجبا للخروج من الدين ومدعاة لشن حملات شعواء كانت وما تزال يجترها الخلف عن السلف دون أن يتبين ما هي مصادرها ودون أن يحللها ويناقشها، إن صرف هذه الطاقات في ميادين التهريج أقل ما يوصف به أنه عمل غير مسؤول بالإضافة إلى إمكان توجيه هذه الطاقات إلى ميادين إيجابية في الخلق والإبداع وفي جمع الشمل ولم الشعث وتنظيف الأجواء الإسلامية من الحقد والكراهية التي لا يفيد منها إلا أعداء الإسلام، إن الذين يقفون وراء نعرات التشويش والفرقة قوم بعيدون عن روح الإسلام وجوهره وليسوا ببعيدين عن الشبهات خصوصا وأن أمثال هذه المواضيع يجب أن تبقى محصورة في نطاق العلماء فقط وأن لا تنزل إلى مستوى الأوساط من الناس فضلا عن العامة وذلك لأن للعلماء مناعة تبعدهم عن النظرة المرتجلة والنعرة الجاهلية كما هو المفروض إن المفاعلات الطائفية في تصوري أخطر على الإنسانية من المفاعلات النووية، وحسب تاريخ المسلمين خلافات كانت وما تزال غصة في فم كل مؤمن بالله تعالى وبدينه وكل داع لرسالات السماء التي من أول أهدافها تأصيل الروح الإنسانية في كل أنماط السلوك عند البشر18.