مجموع الأصوات: 45
نشر قبل سنتان
القراءات: 1878

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

إسلام سلمان الفارسي في قباء

1 . جاءت مجموعات من اليهود بعد نبي الله عيسى ( عليه السلام ) ، وسكنت الجزيرة بانتظار النبي الموعود ، وكان أشخاص غير اليهود ينتظرون ظهوره ( صلى الله عليه وآله ) أيضاً مثل سلمان الفارسي الذي أعجبته المسيحية فترك المجوسية وهاجر إلى الشام ، ثم إلى العراق وتركيا وعاش مع علمائهم ، ثم جاء إلى أرض العرب ينتظر النبي الموعود .

عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « كان بين عيسى وبين محمد ( صلى الله عليه وآله ) خمس مائة عام ، منها مائتان وخمسون عاماً ليس فيها نبي ولاعالم ظاهر . قلت : فما كانوا ؟ قال : كانوا متمسكين بدين عيسى ( عليه السلام ) . قلت : فما كانوا ؟ قال : كانوا مؤمنين . ثم قال ( عليه السلام ) : ولا يكون الأرض إلا وفيها عالم .
وكان ممن ضرب في الأرض لطلب الحجة سلمان الفارسي رضي الله عنه ، فلم يزل ينتقل من عالم إلى عالم ومن فقيه إلى فقيه ، ويبحث عن الأسرار ويستدل بالأخبار ، منتظراً لقيام القائم سيد الأولين والآخرين محمد ( صلى الله عليه وآله ) أربع مائة سنة ، حتى بشر بولادته ، فلما أيقن بالفرج خرج يريد تهامة فسبي » 1 .
وقد وجد سلمان في المدينة امرأة فارسية ، جاءت قبله تنتظر النبي الموعود ( صلى الله عليه وآله ) ! « قال سلمان : لما قدمت المدينة رأيت امرأة إصبهانية كانت قد أسلمت قبلي ، فسألتها عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فهي التي دلتني على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) »  2.
« كان سلمان الفارسي عبداً لبعض اليهود ، وقد كان خرج من بلاده من فارس يطلب الدين الحنيف الذي كان أهل الكتب يخبرونه به ، فوقع إلى راهب من رهبان النصارى بالشام فسأله عن ذلك وصحبه فقال : أطلبه بمكة مخرجه ، واطلبه بيثرب فثَمَّ مهاجره . فقصد يثرب فأخذه بعض الأعراب فسَبَوْهُ ، واشتراه رجل من اليهود فكان يعمل في نخله ، وكان ذلك اليوم على النخلة يصرمها ، فدخل على صاحبه رجل من اليهود فقال : يا أبا فلان أشعرت أن هؤلاء المسلمة قد قدم عليهم نبيهم ؟ فقال سلمان : جعلت فداك ما الذي تقول ؟ فقال له صاحبه : ما لك وللسؤال عن هذا ، أقبل على عملك ! قال فنزل وأخذ طبقاً وصيَّر عليه من ذلك الرطب وحمله إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال له رسول الله : ما هذا ؟ قال : صدقة تمورنا ، بلغنا أنكم قوم غرباء قدمتم هذه البلاد فأحببت أن تأكلوا من صدقتنا . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : سَمُّوا وكلوا . فقال سلمان في نفسه وعقد بإصبعه : هذه واحدة يقولها بالفارسية ، ثم أتاه بطبق آخر فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما هذا ؟ فقال له سلمان رأيتك لا تأكل الصدقة ، وهذه هدية أهديتها إليك . فقال : سموا وكلوا ، وأكل ، فعقد سلمان بيده : اثنين ، وقال : هذه اثنان يقولها بالفارسية ، ثم دار خلفه فألقى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن كتفه الإزار فنظر سلمان إلى خاتم النبوة والشامة فأقبل يقبلها ! قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من أنت ؟ قال : أنا رجل من أهل فارس قد خرجت من بلادي منذ كذا وكذا ، وحدثه بحديثه وبه طول ، فأسلم وبشره رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال له : أبشر واصبر ، فإن الله سيجعل لك فرجاً من هذا اليهودي » 3.

وفي إعلام الورى: « وكان آخر من أتى « عاش معه سلمان علماء النصارى » آبي ، فمكث عنده ما شاء الله ، فلما ظهر النبي قال آبي : يا سلمان إن صاحبك الذي تطلبه بمكة قد ظهر ، فتوجه إليه سلمان » 4.
وحدَّث سلمان « رحمه الله » عن حاله بعد الراهب آبي : « فلما واريناه أقمت على خير ، حتى مر بي رجال من تجار العرب من كلب ، فقلت لهم : تحملوني معكم حتى تقدموني أرض العرب وأعطيكم غنمتي هذه وبقراتي ، قالوا نعم فأعطيتهم إياها وحملوني حتى إذا جاءوا بي وادي القرى ظلموني فباعوني عبداً من رجل من يهود بوادي القرى » . ثم باعه مالكوه إلى أقاربهم من قريظة في المدينة ، فكان عبداً لهم نحو سنتين حتى هاجر النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « ذهبت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو بقبا فقلت : إنه بلغني أنك رجل صالح وأن معك أصحاباً لك غرباء ، وقد كان عندي شئ للصدقة فرأيتكم أحق من بهذه البلاد به ، فها هو هذا فكل منه ، فأمسك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يده وقال لأصحابه : كلوا ولم يأكل فقلت في نفسي هذه خلة مما وصف لي صاحبي . فاستدرت لأنظر إلى الخاتم في ظهره فلما رآني رسول الله أستدير عرف أني استثبت من شئ قد وصف لي فوضع رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه كما وصف لي صاحبي ، فأكببت عليه أقبله وأبكي ! فقال : تحول يا سلمان هاكني ، فتحولت فجلست بين يديه وأحب أن يسمع أصحابه حديثي فحدثته » 5.
وحدَّث سلمان عن عمله عند ذلك اليهودي فقال : « فكنت أسقي كما يسقي البعير حتى دَبَر ظهري وصدري « جُرح » من ذلك ، ولا أجد أحداً يفقه كلامي حتى جاءت عجوز فارسية تستقي فكلمتها ففهمت كلامي ، فقلت لها : أين هذا الرجل الذي خرج دليني عليه ؟ قالت : سيمر بك بكرة إذا صلى الصبح » 6 7

  • 1. كمال الدين / 161.
  • 2. طبقات المحدثين بأصبهان لابن حبان : 1 / 123 ، الإصابة لابن حجر : 8 / 29 وأخبار إصبهان : 1 / 44 .
  • 3. إعلام الورى : 1 / 42 .
  • 4. إعلام الورى : 1 / 60، كمال الدين / 665 .
  • 5. ابن إسحاق : 2 / 68 وأحمد : 5 / 443 .
  • 6. أخبار أصبهان : 1 / 76 .
  • 7. المصدر: كتاب السيرة النبوية عند أهل البيت (ع)لسماحة الشيخ علي الكوراني العاملي.