العجب من كلام السائل حيث ادّعى أنّ أبا بكر أمّر أُسامة على الجيش، وهذا مخالفة واضحة للواقع التاريخي إذ الصحيح وبلا شكّ هو أنّ النبي قد أمّره على الجيش وجعل الشيخين تحت أمره. ولذلك اعترضوا على النبي بتأمير أُسامة وتحت أمره الشيوخ الكبار.
ومما يلفت النظر هنا ما يقال عن كيفية هجرة عمر بن الخطاب، حيث يروون عن علي «عليه السلام» أنه قال: ما علمت أحداً من المهاجرين هاجر إلا مختفياً، إلا عمر بن الخطاب ، فإنه لما هم بالهجرة تقلد بسيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يديه أسهماً، واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعاً، ثم أتى المقام فصلى ركعتين، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة؛ فقال: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، فمن أراد أن تثكله أمه، أو يؤتم ولده، أو ترمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي. قال علي رضي الله عنه: فما تبعه أحد، ثم مضى لوجهه.
إن المشهور هو: أن الإسراء والمعراج قد كان قبل الهجرة بمدة وجيزة؛ فبعضهم قال: ستة أشهر. وبعضهم قال: في السنة الثانية عشرة للبعثة، أو في الحادية عشرة أو في العاشرة. وقيل: بعد الهجرة 1.
إن الروايات تشير إلى أن المشركين قد صعب عليهم الإيمان بالمعراج، فاختار (صلى الله عليه وآله) أسلوب البيان لبعض الأمور التي يعرفونها عن طريق الحس ليكون التصديق به أيسر وأقرب. ورغم ذلك فإنه: قد صعب عليهم التصديق به، بل واستهزؤوا وشنعوا عليه ما شاء لهم بغيهم وحنقهم.
هل كان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يعرف مصحف فاطمة؟! إن كان لا يعرفه، فكيف عرفه آل البيت من دونه، وهو رسول الله؟! وإن كان يعرفه، فلماذا أخفاه عن الأمة؟!
الحقيقة التاريخية تنطلق في ضوء النقد التاريخي للأحداث من وقائع شواهدها، وتنعقد بتظافر أخبارها، وتتأكد بتواتر رواياتها، وإن موضوعاً واحداً حفل بأربعين فصلاً اشتملت على آلاف الأحاديث الشريفة في كتاب واحد، جدير بثبوته متواتراً، إذ بلغت تلك الأحاديث من الشهرة والاستفاضة والتعددية ولمختلف طوائف الأمة الإسلامية حداً يقطع معه بصحة ذلك الموضوع.