ومن الرّوايات ما عن الإمام الباقر «عليه السلام» أنّه قال: «إنّ الله قضى قضاءً حتماً ألا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إياه حتى يحدث العبد ذنباً يستحق بذلك النقمة».
أقول: بل يضر وقوع المعاصي بعدالتهم، لأن العدالة هي الإستقامة على جادة الشريعة الإسلامية ترتفع عن صاحبها بممارسته للمعاصي، وتعود إليه بالتوبة والاستقامة مرة أخرى على طريق الحق.
وكل ذلك يفيد أن هؤلاء الصحابة كانوا على دين الإسلام في حياته صلى الله عليه وآله ولم يكونوا من المنافقين، لأن المنافقين لم يسلموا قط وإنما أظهروا الإسلام وأبطنوا الشرك والكفر، فلا يصح وصفهم بالمرتدين وبأنهم رجعوا على أعقابهم، وإنما الذي يصح وصفه بذلك هو من آمن بالإسلام واعتقد به ثم كفر به وارتد عنه، أو من آمن برسالة الإسلام والتزم بتعاليمها في بداية الأمر ثم ارتد عن العمل بهذه التعاليم، وارتكب الكبائر من الذنوب وفعل العظيم من المخالفات الشرعية.
إن قول عثمان الخميس أنّه جاء لأبي بكر وعمر من الفضائل أكثر مما جاء لعلي عليه السلام يردّه تصريح بعض علماء أهل السنة بأنّه لم يأت لأحد من الصحابة من الفضائل بالأسانيد المعتبرة ما جاء لعلي عليه السلام.
كان على عثمان الخميس قبل أن يفتري على الله عزّ وجل ويزعم بأنه سبحانه شهد لجميع الصحابة بالحسنى ومن ثم بالجنة أن يثبت بالدليل أن جميع الصحابة متصفون بصفتي الإنفاق والقتال وإلاّ فدعواه باطلة، ثم إن دونه لإثبات ذلك خرط القتاد، لأنه من المعلوم والمتسالم عليه بين المسلمين أن الكثيرين ممن عدوا في عداد الصحابة لم ينفقوا ولم يقاتلوا لا قبل الفتح ولا بعده.
سمعت أبا الحسن الرضا "عليه السلام" يقول: "إن لكل إمام عهداً في عتق أوليائه وشيعته، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديق بما رغبوا فيه كانوا أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة"، وقال النبي "صلى الله عليه وآله": "من زارني حيّاً وميتاً كنت له شفيعاً يوم القيامة".
ولقد اهتمت الشريعة الإسلامية كتاباً وسنةً بأمور الأيتام، فقد نزلت في بيان حقوقهم وتنظيم شؤونهم أكثر من عشرين آية، يضاف إليها الكثير من الأحاديث في السنة الشريفة.
قال الإمام زين العابدين «عليه السلام» :(وأمّا حقّ ولدك فأن تعلم انّه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وإنّك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عزّ وجلّ، والمعونة على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه)1.
يعد العنف الممارس في داخل الأسرة أحد الظواهر الاجتماعية التي لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات الإنسانية، فكلّها تعاني من هذه الظاهرة، وممن يكون ضحيّة العنف الأسري الوالدان، وذلك بممارسة الأبناء العنف ضدّهم، ويعرف بعنف الفروع ضدّ الأصول، وطبيعة العنف الذي يمارسه الأبناء ضد والديهم يتمثل في الاعتداء الجسدي، من قبيل الضرب بواسطة القوّة الجسديّة أو الاستعانة بالأشياء، أو العض، أو الحرق بكي الجسد بالنّار.
أقول : لا يمكن لعثمان الخميس أن ينكر أن من جملة من كان مع النبي صلى الله عليه وآله هم من المنافقين، وكان بعض هؤلاء على درجة عالية من التستر بنفاقه، حتى أنهم لم يكونوا معروفين للنبي صلى الله عليه وآله كما هو صريح القرآن الكريم ، وهؤلاء لم يكونوا قلة بل كان عددهم كبيراً حتى أنّ الله عز وجل أنزل فيهم سورة كاملة سميّت بسورة «المنافقون»، وإذا كان الأمر كذلك فلا بد لتمييز المؤمن منهم من غيره ومعرفة حاله من خلال الإطلاع على سيرته، فالكثير ممن حكم أهل السنة بعدالتهم وعدّوا في عداد الصحابة لا يعرف من حالهم شيء سوى أنهم رؤوا النبي صلى الله عليه وآله وسمعوا منه.
إنّ المرأة نصف المجتمع وأحد عمودي الحياة الإنسانية، فحسن اختيارها يضمن تربية جيل صالح يبني الحياة الفاضلة بما تزرعه هذه الأم المؤمنة في نفوس أبنائها من عقيدة راسخة وإيمان صلب وتقوى سامية وأخلاق حميدة وخلال كريمة، وإلاّ فإنّ انحراف الأم وعدم تقيّدها لن يخرج في أغلب الحالات إلاّ جيلًا سيئًا لا يعتمد عليه في شيء.
قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي، وأنّهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض».
أقول: لقد ذكرنا أن العدالة هي الائتمار بأوامر الله بفعل الواجبات وترك المحرّمات، فمن ترك واجباً أو فعل محرّماً تسقط عدالته، ولا ترجع إليه إلاّ بالإنابة والتوبة، فالصحابة مثلهم مثل غيرهم لا يوجد دليل يستثنيهم من ذلك، فمن ثبت على أحد منهم أنّه ارتكب شيئاً من المحرمات بترك واجب أو بفعل منهي عنه سقطت عدالته، فلا تبقى العدالة ملازمة له بعد ارتكابه المعصية ما لم يتب منها، وإنما تعود إليه بالتوبة، ودعوى أن سيئاتهم مغمورة في حسناتهم دعوى عرية من البرهان، فمنهم من قام الدليل على ارتكابه الكبائر فلم تشفع له حسناته ولا صحبته ولا كونه من أهل بدر أو الحديبية في درء الحد عنه،
ومع أنّ موت كلِّ إنسان أمرٌ يقيني، إلاّ أنّ الكثيرين يعيشون مع هذا اليقين حالة من يعيش مع أمر مشكوك فيه، وقد عبّر الإمام الصادق «عليه السلام» عن هذه الحالة بقوله: «لم يخلق الله عزّ وجل يقيناً لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت».