حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
ما معنى الإرادة و المشيئة بالنسبة إلى الله تعالى ، و ما الفرق بينهما ؟
المقصود من قولنا " أن الله مُريد " هو أنه تعالى مختارٌ و ليس بمجبورٍ و لا مضطرٍ .
أما الإرادة ـ بمعناها المعروف في الإنسان و الذي هو أمر تدريجي و حادث ـ لا مكان لها في الذات الإلهية المقدسة ، بل يجب تجريدها ـ أي الإرادة ـ من شوائب النقص و حملها على الله بالمعنى الذي يليق بساحته ، مُجردة عن سمات الحدوث و الطروء و التدرّج و الانقضاء بعد حصول المراد ، فان ذلك كله من خصائص إرادة الإنسان ، و لإستلزام ـ الإرادة بهذا المعنى ـ طروء الحدوث على ذاته سبحانه و تعالى .
من أجل هذا وُصفت الإرادة الإلهية في أحاديث أهل البيت ( عليهم السَّلام ) بأنها نفس إيجاد الفعل و عينُ تَحقّقهِ ، منعاً من وقوع الأشخاص في الانحراف و الخطأ في تفسير و توضيح هذه الصفة الإلهية .
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ 1 ( عليه السلام ) : أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِرَادَةِ مِنَ اللَّهِ ، وَ مِنَ الْخَلْقِ ؟
قَالَ ، فَقَالَ : " الْإِرَادَةُ مِنَ الْخَلْقِ الضَّمِيرُ وَ مَا يَبْدُو لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْفِعْلِ ، وَ أَمَّا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِرَادَتُهُ إِحْدَاثُهُ لَا غَيْرُ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَا يُرَوِّي وَ لَا يَهُمُّ وَ لَا يَتَفَكَّرُ ، وَ هَذِهِ الصِّفَاتُ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُ وَ هِيَ صِفَاتُ الْخَلْقِ ، فَإِرَادَةُ اللَّهِ الْفِعْلُ لَا غَيْرُ ذَلِكَ ، يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ بِلَا لَفْظٍ وَ لَا نُطْقٍ بِلِسَانٍ وَ لَا هِمَّةٍ وَ لَا تَفَكُّرٍ وَ لَا كَيْفَ لِذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا كَيْفَ لَهُ " 2 .
إذن فوصفُ الله سبحانه و تعالى في مقام الذات بأنه مريد يكون بمعنى أنه مختار ، و وصفه به في مقام الفعل يكون بمعنى أنه مُوجِدٌ و مُحْدِث .
ثم إن ما يمكن تصوره بالنسبة إلى الفعل الصادر عن الفاعل هو إحدى الصور الأربعة التالية :
1. أن يكون الفاعل فاقدا للعلم ، و هو لا يجوز بالنسبة إلى الله تعالى .
2. أن يكون الفاعل عالماً فاقدا للإرادة و هذا لا يجوز أيضا بالنسبة إلى الله تعالى .
3. أن يكون الفاعل عالماً و مريداً و لكن عن كراهة لفعله و ذلك لأجل وجود قدرة قاهرة عليه مثلاً ، أو لأنه ليس أمامه إلاّ أحد أمرين ، إما الفعل و إما الترك ، و هذا لا يجري على الله تعالى كما هو واضح .
4. أن يكون الفاعل عالماً و مريداً راضياً بفعله ، و فاعلية الباري سبحانه و تعالى تكون من هذا النوع ، فهو فاعل مريد مالك لزمام فعله و عمله ، يقول سبحانه و تعالى في القرآن الكريم : ﴿ ... وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ... ﴾ 3 .
الفرق بين الإرادة و المشيئة :
أما بالنسبة إلى مشيئة الله تعالى فالظاهر أن الإرادة و المشيئة متحدان في المعنى رغم اختلاف التسمية ، و إلى هذا الرأي تشير بعض الروايات المروية عن أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) منها قول الإمام الرضا ( عليه السَّلام ) : " و أعلم : أن الإبداع و المشيئة و الإرادة معناها واحد و أسماؤها ثلاثة " 4 .
و هناك تفسير أخر للإرادة و المشيئة و هو أن الإرادة هي أمر الله تعالى ، و إليه تشير الآية الكريمة : ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ 5 ، أما المشيئة فتعني أن الله تعالى قادر على منع العباد عن ما يريدون فعله و هم غير قاهرون لله تعالى ، بمعنى أن إرادتهم غير خارجة عن نطاق القدرة الإلهية بل محدودة ضمن المشيئة الإلهية ، و إلى هذا تشير بعض الروايات المروية عن أهل البيت ( عليهم السَّلام ) :
عن أبي الحسن ( عليه السَّلام ) : " إن لله إرادتين و مشيئتين : إرادة حتم و إرادة عزم ، ينهى و هو يشاء و يأمر و هو لا يشاء ، أو ما رأيت الله نهى آدم ( عليه السَّلام ) و زوجته أن يأكلا من الشجرة و هو شاء ذلك ، إذ لو لم يشأ لم يأكلا ، و لو أكلا لغلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالى ، و أمر إبراهيم بذبح ابنه و شاء أن لا يذبحه ، و لو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله عَزَّ و جَلَّ " 6 .
- 1. أي الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السَّلام ) ، سابع أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
- 2. الكافي : 1 / 109 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
- 3. القران الكريم : سورة يوسف ( 12 ) ، الآية : 21 ، الصفحة : 237 .
- 4. التوحيد : 435 ، و بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 10 / 314 و 50 / 50 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود باصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
- 5. القران الكريم : سورة يس ( 36 ) ، الآية : 82 ، الصفحة : 445 .
- 6. بحار الأنوار : 4 / 139 .
تعليقتان
حول الارادة
أضافه خليل آل عمران في
ايراد موضوع الإرادة بهذا البيان الموجز يدلّ على عمق المورِد في معرفة المريد.
ولكم جزيل الاجر والثواب
مشيئة الإنسان و المشيئة الله
أضافه زاز احمد في
مشيئة الإنسان و المشيئة الله
تَنْفيذ مشيئة الإنسان تحتاج إلى مشيئة الله تعالى.
فالإنسان سُمِحَ له أن يخْتار، وشاءتْ مشيئة الله أن تكون له ما يشاء
مثلا
فالله تعالى يأمر ويريد تنفيذ أوامره وسمح بالاختيار ،
فإن الإنسان إذا نفد أوامره فهو تعالى سَمَحَ له ، و رضي له، و وعده بالجنة أو النعيم
وإذا لم ينفد أوامره فهو تعالى سَمَحَ له ، ولم يرْضَ له، ووعده النار أو العذاب
فالله تعالى ينهى ويريد تنفيذ نواهيه وسمح بالاختيار ،
فإن الإنسان إذا نفد نواهيه فهو تعالى سَمَحَ له ، و رضي له،. و وعده بالجنة أو النعيم
وإذا لم نواهيه ينفد فهو تعالى سَمَحَ له ، ولم يرْضَ له، ووعده النار أو العذاب
حرية الاختيار
منح الله حرية الاختيار للإنسان لكي لا يكون مثل الملائكة أو الحيوان
منح الله حرية الاختيار للإنسان لكي يكون الجزاء الدنيوي و الجزاء الأخروي