ما معنى اشراط الساعة ؟
أشراط الساعة هي العلامات الدالة على إقتراب قيام الساعة، و هي تسبق نهاية العالم و قيام القيامة، و بظهور هذه العلامات و الدلالات يتبين للناس بأن قيام الساعة بات قريباً جداً، و هذه العلامات كثيرة ذكرت في القرآن الكريم و الأحاديث المختلفة.
قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ﴾ 1.
ما هي علامات الساعة ؟
تنقسم علامات الساعة إلى أقسام ثلاثة:
القسم الأول هي علامات و حوادث مهمة و مميزة تسبق نهاية العالم و قيام الساعة، و هي علامات مهمة و مصيرية، لكنها رغم كونها من علامات و أشراط الساعة إلا أنها قد تتحقق قبل قيام الساعة بزمن طويل بالنسبة لمعاييرنا البشرية و حساباتنا، فهي ليست من العلامات الملاصقة تماماً بالأيام التي تسبق قيام القيامة، بل هي من العلامات التي تقع قبل قيام القيامة و في القسم الأخير من حياة العالم و الذي يُعبَّر عنه بآخر الزمان، و مثال ذلك بعثة النبي المصطفى (صلى الله عليه و آله) التي هي من أشراط الساعة، و هي بالقياس إلى عمر العالم تقع في القسم الأخير منه.
رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السَّلام) أنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه و آله):" بُعِثْتُ أَنَا وَ السَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ"، وَ أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَ الْوُسْطَى.
ثُمَّ قَالَ: "وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَجِدُ السَّاعَةَ بَيْنَ كَتِفَيَّ" 2.
القسم الأول من اشراط الساعة
- بعثة خاتم الأنبياء محمد المصطفى (صلى الله عليه و آله).
- اندكاك السدّ و خروج يأجوج و مأجوج، قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا * وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ﴾ 3.
- إتيان السماء بدخان مبين، قال عَزَّ مِنْ قائل: ﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ﴾ 4.
- نزول السيد المسيح عليه السلام، قال جَلَّ جَلاله: ﴿ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ * وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَٰذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾ 5.
- خروج دابّة من الأرض، قال سبحانه و تعالى: ﴿ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ ﴾ 6.
و من أراد التفصيل فلا بُدَّ له من مراجعة كتب التفسير و الحديث لمعرفة تفاصيل هذه العلائم و الأحداث العظيمة.
القسم الثاني من اشراط الساعة
أما القسم الثاني من أشراط الساعة فهي تلك الأحداث التي تقع قُبيل قيام الساعة و تُحدث تحولاً عظيماً تكون فيه نهاية العالم.
ولقد تحدّث القرآن الكريم 7 بإسهاب حول هذه العلائم و الأشراط، و هي من قبيل:
- تلاشي النظام الكوني.
- تكوير الشمس و القمر.
- انكدار النجوم و تناثرها.
- تفجير البحار و تسجيرها.
- تسيير الجبال.
إلى غيرها من الحوادث العظيمة التي بها يتبدل النظام الكوني، يقول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ 8.
القسم الثالث من اشراط الساعة
هناك قسماً آخر لأشرط الساعة و هو تغيُّر سلوك الناس إلى الأسوأ عدا الصالحين و المؤمنين الصادقين منهم.
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه و آله) حِجَّةَ الْوَدَاعِ فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: "أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَ كَانَ أَدْنَى النَّاسِ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ سَلْمَانُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ!
فَقَالَ (صلى الله عليه و آله): "إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ الْقِيَامَةِ إِضَاعَةَ الصَّلَوَاتِ وَ اتِّبَاعَ الشَّهَوَاتِ، وَ الْمَيْلَ إِلَى الْأَهْوَاءِ وَ تَعْظِيمَ أَصْحَابِ الْمَالِ، وَ بَيْعَ الدِّينِ بِالدُّنْيَا، فَعِنْدَهَا يَذُوبُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ فِي جَوْفِهِ- كَمَا يُذَابُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ مِمَّا يَرَى مِنَ الْمُنْكَرِ- فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَهُ".
قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: "إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ! إِنَّ عِنْدَهَا يَلِيهِمْ أُمَرَاءُ جَوَرَةٌ وَ وُزَرَاءُ فَسَقَةٌ، وَ عُرَفَاءُ ظَلَمَةٌ، وَ أُمَنَاءُ خَوَنَةٌ".
فَقَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟!
قَالَ (صلى الله عليه و آله): إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ، إِنَّ عِنْدَهَا يَكُونُ الْمُنْكَرُ مَعْرُوفاً وَ الْمَعْرُوفُ مُنْكَراً- وَ يُؤْتَمَنُ الْخَائِنُ وَ يُخَوَّنُ الْأَمِينُ- وَ يُصَدَّقُ الْكَاذِبُ وَ يُكَذَّبُ الصَّادِقُ".
قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ (صلى الله عليه و آله): "إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ" 9.
- 1. القران الكريم: سورة محمد (47)، الآية: 18، الصفحة: 508.
- 2. الجعفريات (الأشعثيات): 212، لابن الأشعث محمد بن محمد، المتوفى في القرن الرابع الهجري، الطبعة الأولى، طبعة مكتبة النينوى الحديثة، طهران/إيران.
- 3. القران الكريم: سورة الكهف (18)، الآية: 98 و 99، الصفحة: 304.
- 4. القران الكريم: سورة الدخان (44)، الآيات: 10 - 16، الصفحة: 496.
- 5. القران الكريم: سورة الزخرف (43)، الآيات: 57 - 61، الصفحة: 493.
- 6. القران الكريم: سورة النمل (27)، الآية: 82، الصفحة: 384.
- 7. لمعرفة تفاصيل هذه العلامات و الاشراط لا بُدَّ من مراجعة السور القرآنية التالية: التكوير، و الانفطار، و الانشقاق، و القارعة.
- 8. القران الكريم: سورة ابراهيم (14)، الآية: 48، الصفحة: 261.
- 9. راجع: تفسير القمي: 2 / 303، و الحديث طويل جداً أعرضنا عن نقله بتمامه، فراجع.